| 1 التعليقات ]




حاول عالم النفس الألماني إيريك فروم، المتميز بتوليفه بين الخلفية الماركسية والتحليل النفسي بما يعنيه ذلك من عدم إغفال النظرة إلى الشخصية الاجتماعية للفرد، تكثيف إطار نظري مفيد جدا في تحليل الجدل الكامن في الواقع المعاصر في ثنائية دقيقة هي "التملك" Avoir و"الكينونة"Etre . وقد انطلق من هذه الثنائية لتسليط الضوء على مختلف الظواهر الفردية (الإيمان/القراءة/المعرفة) والاجتماعية (التعليم/السلطة/الحب) وإعادة قراءة أبعادها.

لنبدأ بالتعليم.
نظرا لكون "المدرسة/الجامعة" تعبير عن نظام تعليمي يختزل الرؤية الوجودية التي تخترق النظام الاجتماعي برمته (وهي رؤية "التملك")؛ فإنه لا غرابة في أن نجد طريقة التعليم تتفرع عن هذه الرؤية، ولا عجب أيضا في أن نجد طريقة التعلُم من طرف الطالب تتأثر بهذا المحيط.
يذهب الطالب إلى الجامعة (دعونا نتحدث عن الجامعة عوض المدرسة لأنها أسهل في عملية التمثيل) ويحضر المحاضرات وهو غير ساع لهدف سوى تسجيل مضامين المحاضرة في مذكرته أو محاولة تخزينها في ذاكرته بما يؤهله لرد البضاعة إلى صاحبها يوم الامتحان. إنه طالب يستهدف أساسا "امتلاك" المعلومات المنثورة في الدروس. وإذا رغب في التفوق وتحصيل الدرجات العُلا ما عليه سوى ب"حيازة" الصيغ والعبارات التي بُنيت بها المعاني المتناثرة في الدروس. 
يخاف هذا الطالب من أي معلومة جديدة لأنه يعرف أنه متبوع بتسجيلها في المذكرة قبل تحويلها إلى الذاكرة. وكلما ازدادت كمية المعلومات ازداد الخوف من شبح "فقدان السيطرة" عليها بنسيانها.
بينما الطالب الذي نجا من الخضوع لنمط "التملك" السائد وكان مشدودا إلى تحقيق "كينونته" أينما حل وارتحل، يجد في المحاضرة – خاصة وانها تندرج ضمن التخصص الذي اختاره بوعي وانطلاقا من ميولات – فرصة متجددة لتنشيط "كينونته" و"تحقيقها". فهو أصلا لم يكن ليحضر إلى الدروس بل لم يكن ليحضر إلى المحاضرة الاولى من دون أن تكون له "وجهة نظر" في ما سيدرُس. لا بد وأن يكون لديه رأي – لا يهُم خطأه من صوابه – ولكنه رأي يعبر عن كينونته. وبالتالي، تكون المحاضرة عنده محطة غير مملة، بل فرصة للتجاوب ومناسبة لتصحيح رؤيته وتعديل وجهة نظره إن كان ثمة ما يدفع إلى التعديل.
طبيعة العلاقة مع الدروس لا ترتبط بالحفظ وإجهاد النفس في التخزين، بل بعملية فكرية نشيطة يكون فيها التأثر والانفعال الداخليين، ويخرج فيها الطالب كائنا ساعيا إلى الرقي المستمر. إنها علاقة يخرج فيها الطالب وقد أنهى الدروس بوعي غير مسبوق وليس بملكية جديدة لحزمة من المعلومات المفصولة عن همومه اليومية. طبعا، لا يكفي أن يكون الطالب مستعدا للتغيير وللارتقاء بكينونته، بل لا بد في المقابل من أن تكون الدروس حية بعيدة عن ترديد الكلام الأجوف، وإلا سيكون من حظ هذا الطالب أن يركز على عملياته الذهنية وهمومه الفكرية وينبذ الإنصات إلى المحاضرة، إلى أن يقرر في ملامح مستقبله الدراسي والمهني ... إلخ.
في التاريخ أو الفلسفة، وهي مواد كفيلة بتحريك سواكن الإنسان، تعمد "المدرسة/الجامعة" إلى تقديم شهادة للطالب تؤكد تمتُعه بنوع من "الملكية الثقافية" لمعلومات متناثرة عن حقب تاريخية معينة أو عن فلاسفة متمايزين. يصبح هَمُ الطالب في هذا السياق هو استظهار الأحداث والشخصيات التاريخية أو ترديد مواقف الفلاسفة بخصوص القضايا المطروحة. هكذا يصير الطالب أشبه ب"الدليل" الذي يعرف معلومات وافية عن "المتحف" الذي يعمل فيه.
أما الحقائق الاجتماعية والنفسية والتاريخية الكامنة وراء هذه المواقف الفلسفية أو وراء هذه الأحداث التاريخية، فإن المدرسة/الجامعة تربأ بنفسها عن الخوض فيها. وحدة الطالب الذي يحس بأن له "كينونة" وليس "آلة" أو "حاطب ليل" هو الذي يخوض غمار الحوار الذهني مع الفلاسفة ومع البنى التي يرتكزون عليها ومع التناقضات التي وقعوا فيها... إلخ.

لننعطف نحو القراءة.
ليس غريبا أن يكون الإنسان الذي ينطلق في علاقته مع العالم من نمط "التملك" فقيرا في علاقته بالقراءة. صحيح، قد يكون قارئا نهما يلهث وراء المعلومات المتناثرة ولكن حصيلته على مستوى المعرفة تكون ضعيفة. قد يستحضر قصصا كثيرة وتجارب تاريخية متنوعة، لكنه يفتقد إلى الروح والذهنية والخلفية التي ستُمكنه من معالجة القضايا والتجارب الراهنة.
هذا الإنسان الذي قد يقرأ كثيرا ولكن بلا فائدة على مستوى تنمية شخصيته وإذكاء روحه وتحفيز وعيه وإنضاج تجربته وتوليد حكمته؛ نجده مع "الروايات" ينشغل بمعرفة عقدة الرواية، كل همه أن يجيب على الأسئلة الرتيبة: هل يظل البطل على قيد الحياة أم يموت؟ هل تقع البطلة في غرامه أم تقاوم؟
هذا القارئ يسعى فقط لمعرفة الإجابات المباشرة وتفاصيل غير دالة لقصة خيالية. فالرواية تشكل له مدخلا للإثارة. وبالتالي تجد أن تجربة القراءة عنده تصل إلى ذروتها باكتشاف النهاية السعيدة أو الحزينة. بل ربما تجده يبكي – تأثرا – بالنهايات الحزينة. فهو ينظر إلى نفسه باعتباره "مالكا" للقصة، يمسك بتلابيبها، وبالتالي يتعاطف مع بعض شخصياتها.
ينهي القارئ الرواية وقد يبكي، ولكنه لم يضف إلى معرفته شيئا، فأحداث الرواية وعوالمها ستختفي بمجرد العودة إلى العالم الحقيقي والانتهاء من القراءة. والمشكل هو أنه حتى الرواية لم يستفد منها كما يجب. فهو من شدة ارتباطه بتسلسل الأحداث وملاحقته للعقدة التي تدور القصة في فلكها، لم يهتم بالنفاذ إلى أعماق الطبيعة البشرية من خلال الشخصيات الموصوفة، ولم ينشغل بالتجاوب مع الجدل الذي تبرزه الرواية – هنا نتحدث عن رواية أصيلة – في طبيعة الاجتماع البشري. نعم، لقد كان همه أن يعرف مصير البطلة!
وللأسف، معظم الروايات الجديدة هي وعاء لقصص رخيصة بخلاف الروائع العالمية التي تختصر حكاية جيل أو أسلوب عيش طبقة اجتماعية أو مخاض قرن... إلخ. ولهذا، أغلب القراء يسقطون في ذات الحبال التي سقط فيها قارئنا الذي يصل الثانية بالدقيقة ويبتلع الصفحات كما يبتلع مشاهد فيلم سينمائي لكي "يمتلك" أحداث الرواية.
أما القارئ الذي يستشعر بـأن له "كينونة"، ويسعى إلى أن يكون "هو" في كل نشاط ولو كان القراءة، فحتما ستكون القراءة فرصة لحوار جاد بينه وبين المؤلف حيث يحتفظ كل طرف بمكانته ومقدرته على الدفاع عن رؤيته. وكثيرا ما يصل قارئنا إلى أن الكتب المَمدُوحَة محدودة القيمة. وفي أحيان أخرى، يفهم القضية التي يثيرها الكاتب من زوايا أوسع من ضيق نظرة الكاتب نفسه. وحينما يقرأ الرواية ينتقي – كما ينتقي كل ألوان الكتب الأخرى من فرط خبرته – ويشتبك مع الروائع التي تثير الأسئلة الحقيقية وتكثف مراحل تاريخية بأكملها. إن القراءة عند قارئنا هي سؤال ذاتي وهموم ذاتية يحاول أن يلقى لها إجابات موضوعية، وبالتالي فهو مستعد للجدل بخصوصها مع الكُتاب.

لنتوقف عند المعرفة.
صاحبنا المهووس بامتلاك العالم، لا يرف له جفن حتى يحصل على مزيد من المعلومات عن كل شيء عن الرياضة والسياسة والفن والثقافة والاقتصاد ... إلخ. إنه ينظر إلى الارتقاء في سلم المعرفة بمنظار الزيادة من حجم المعلومات. فالمعلومات عنده بمثابة ممتلكات، على قدر ما يحوز منها يحصل على ممتلكات مادية ومكانة اجتماعية.
أما الإنسان الممتلئ بكينونته، فإنه لا ينظر إلى المعرفة إلا بمعناها الوظيفي لا المضموني أي باعتبارها جزءا من عملية التفكير المثمر. إن المعرفة عنده لا معنى لها إذا لم تنفذ إلى ما تحت السطح، وإذا لم تكن سعيا حثيثا للاقتراب من الحقيقة العارية. إن الارتقاء في سلم المعرفة لا يكون بحجم من المعلومات وإنما بالحفر العمودي والتعمق. إنه الفرق بين من يقول "أنا أعرف" (وهو في الحقيقة يجيب على سؤال افتراضي: أما الإنسان الذي يعرف حقا حقيقة ساطعة؛ فهو يعرف أنه أضعف من أن يعترف بأنه يعرف وأقرب إلى التصريح بأنه يجهل)، وبين من "يمتلك قدرا من المعلومات".

لنُعرج على ممارسة السلطة.
من الثابت أن كل فرد يمارس قدرا من السلطة (سواء كان أبا/أما، أو أستاذا(ة)، إداريا(ة)، مسؤولا(ة) في جمعية... إلخ) إلا قلة منزورة في قاع السلم الاجتماعي. لكن ثمة فرق شاسع بين شخص يملك السلطة، وشخص آخر يجسد هو نفسه سلطة.
الشخص الأول، لا يعتمد في حيازة سلطته إلا على القوة والنفوذ والموقع والمكانة والإرث ... إلخ. بينما الشخص الثاني، يفرض سلطته (الاحترام) بجدارته وكفاءته ومهارته وأخلاقه وثقافته وحكمته وخبرته وشخصيته.
تكمن المفارقة في أنه في مجتمعات توصم بأنها بدائية إذ تعتمد على الصيد والرعي والحصاد وحيث النظام الاجتماعي أفقي؛ تكون السلطة من نصيب الماهر في الصيد أو الخفيف في جذب المواشي والرعي. بينما في المجتمعات الحديثة والمعاصرة القائمة على أنظمة اجتماعية عمودية تراتبية أخلت السلطة القائمة على الكفاءة والأهلية المكان للسلطة القائمة على المكانة الاجتماعية.
هكذا لم تعد الجدارة هي العنصر الجوهري المحدد في السلطة القائمة في المجتمعات الحديثة والمعاصرة. سواء كنا بصدد ملك امتلك السلطة بالجينات والوراثة. وأو كنا بصدد مجرم انقلابي حاز على السلطة بالدم والدبابة. أو كنا بصدد سلطات منتخبة بفضل سلاح الدعاية الإعلامية المحتكرة أو بفضل كمية الأموال الموَظفة في الحملة الانتخابية كما هي الحال غالبا في الديمقراطيات الحديثة.
ولكن في أية جماعة بشرية (سواء كنا بصدد أسرة، قرية، حي، جمعية، شركة، مؤسسة تعليمية... إلخ) لا بد وأن تجد شخصا متشبثا بكينونته يكون هو نفسه سلطة، بفضل شخصيته التي حققت درجة عالية من النضج والتكامل. في مثل هذه الحالة، نلفي السلطة والنفوذ يشعان من مثل هذا الشخص دون حاجة إلى إعطاء الأوامر والنواهي أو التهديدات والرشاوي.
قد تجد هذا الشخص يكون في مقام الأب أو الأم، فيحظى باحترام كبير وسط أسرته الكبيرة والصغيرة ويتمتع بنفوذ معنوي عند أبنائه. ومن فرط قيامه بواجباته وتكامل شخصيته وسعة ثقافته يلتزم الأبناء والأقارب بنصائحه وتوجيهاته عن طيب خاطر. وقد تجده عضوا (حزبيا أو جمعويا) يكون موضع تقدير الأغلبية ويكون مسموع الكلمة لأنه يترفع عن الدناءة ويثبت من خلال تجربته أنه مرآة عاكسة لمشروع الحزب أو فكرة التنظيم، هذا من دون أن يتمتع بسلطة تنظيمية يُفصل بها العمل على مقاسه. وقد يكون مسؤولا سياسيا، يحظى كشخص بهيبة خاصة ومصداقية معتبرة ونفوذ كبير من دون إسالة قطرات الدماء أو الزج بالمعارضين في المعتقلات أو تكميم الأفواه أو التضييق على الصحافة المستقلة أو توزيع الصدقات وشراء "رضا" و"تعاطف" المواطنين. وقد يكون سلطة معرفية في مجال علمي، ومرجعا لا يستغني عنه أي باحث في دراسة موضوعه. 

لنعُد إلى الإيمان.
الإيمان ملازم لكل إنسان. لا يمكن لأي شخص أن يتحرك إلا وهو ينطلق من الإيمان بأهداف معينة. قد يكون الإيمان دينيا وهو المشهور، وقد يكون سياسيا، وهناك حتما إيمان لدى كل شخص بمسار معين لمستقبله ورهاناته وقدراته.
لكن، الإيمان بدوره يخضع لداء "التملك". إذ يصير عند الشخص المنطلق من هذا الإطار: مجرد عنوان لما يملكه من إجابات عن الأسئلة المطروحة، ليس عنده دليل عقلاني عليها. ويشتمل هذا الإيمان على مقولات توصل إليها آخرون. إلا أنه لذيذ لأنه يخلق إحساسا باليقين، ويُعفي صاحبه من أشق المهام؛ مهمة "التفكير" و"اتخاذ القرار"، ويشكل أيضا "جوازا" للانضمام إلى جماعة دينية أو سياسية أو تيار مجتمعي غير منضبط لخيار مفارق غير خياراته الشخصية. وكل شخص يريد معرفة معنى الحياة، من دون أن تكون لديه الجرأة على البحث، يختبئ وراء إيمان جماعته أو مجتمعه.
إذا كان الشخص "مالكا" للإيمان في الحالة الأولى، فإن الشخص الحريص على تفرُد "كينونته" يكون في حالة إيمان، إذ يصبح الإيمان لديه توجها داخليا وموقفا وليس مجرد إقرار بأفكار معينة. يشتمل الإيمان هنا على نوع من اليقين، ولكنه يقين أساسه التجربة الذاتية وليس الخضوع لسلطة اجتماعية معينة. هنا الإنسان برحلته الذاتية الحية يسجل الحقائق التي تشكل ركائز الإيمان. بكلمة، نحن أمام شخص في حالة إيمان، وليس أمام "مالك" لإيمان.  
   
لننجذب نحو الحب.
هنا لن نكون أمام شخصين، بل أمام شخص واحد (ذكرا كان أو أنثى) يعيش مرحلتين: مرحلة الكينونة، ثم مرحلة التملك.
في فترة ما قبل الزواج، سواء كانت مرحلة خطوبة رسمية أو مرحلة خطوبة غير رسمية، حيث يحاول المُحب أن يخطب ود صاحبه ويقترب منه، يبحث كل طرف عن جذب مشاعر الآخر وكسبها، وكل طرف يخاف من أن يسيء التعامل أو ينحط في السلوك أو يتعثر في العبارة. ومع ذلك، فالحيوية والجاذبية تشتعل بين الطرفين ويُخيَل لكل طرف أن الشريك المفترض من أجمل الخلق. في هذه المرحلة، لا أحد ضمن الآخر، ومن ثَم تكون الطاقة موَجهة ل"الكينونة": أي للعطاء وتنشيط المشاعر.
بيد أنه مع توالي الأيام والشهور والسنين بعد الزواج غالبا ما تتغير الأمور. إذ لم تعد مشكلة كسب ود الآخر هي التي تسيطر على كل طرف، فكلا الطرفين أصبح "مالكا" لحب الآخر. بعبارة أخرى؛ أصبح الحب ملكية مضمونة، ولهذا يكف كل طرف عن بذل الجهد من أجل استثارة مشاعر الطرف الآخر. هكذا، وبشكل تدريجي، يصبح الزوجان غير قادرين إلا على إثارة الملل، وتتملكهما الحيرة وخيبة الأمل، بل قد يطرحان السؤال: أليس هذا هو الطرف الذي اخترته عن وعي؟ ما الذي تغير؟ ألم أنتبه في البداية؟ وغالبا ما يحاول كل طرف البحث عن علة التحول في شريكه.
إن الغلط ليس في الاختيار الأول، بل هو كامن في تصور إمكان "تملُك" الحب. ولهذا تضيع أهمية الملكية بمجرد حيازتها، وينتقل الأنسان إلى البحث عن تحصيل "ملكيات" جديدة. هكذا، عوض أن يحب كل طرف شريكه، يشرعان معا في ملكية: المال، أو المنزل، أو الأطفال، أو المكانة الاجتماعية.
إن رؤية العالم وفق منظور "التملك" تجعل الإنسان يتعلق بالأشياء ويسعى إلى تحويل العالم كله إلى مواد استعمالية بعد تحفيظها في باسمه في وكالته الشخصية. بينما رؤية العالم في إطار أفق "الكينونة" تجعل الإنسان يتعلق بالتجربة الحية. تتناقص الممتلكات دائما بالاستخدام، بينما تتعاظم الكينونة والتجربة الإيمانية والفكرية والفنية وكل القدرات الجوهرية للإنسان بالممارسة.
غاية غايات عند صاحب رؤية "التملك" هي الالتذاذ بالوجود. فهو لا يريد من القراءة والمعرفة سوى اللذة العابرة، ولا يرى وراء السلطة سوى التلذذ باستعباد الناس، ولا يقرأ في العلاقة الزوجية سوى حيازة مفتاح لذة الغريزة. في حين أن صاحب رؤية "الكينونة" يتغيا الوصول إلى حالة "السعادة"، وهي ليست شرارة نشوة تتأجج في لحظة، وإنما هي وهج مصاحب لكينونة الإنسان. وافتقاد حالة السعادة هو السبب الرئيس في اللهث وراء تجريب المزيد والجديد من اللذات. ومع ذلك، فلا بديل عن خط "الكينونة"، إذ أن اللذة لا تفضي بعد الوصول إلى الذروة إلا إلى الحزن، ومنطق "التملك" بأكمله لا يقود بعد حيازة الملكية: بعد إحراز النصر في امتلاك قصة الكتاب أو امتلاك ترانيم الإيمان أو امتلاك المقولات/الأحداث؛ لا يقود إلا إلى الحزن والملل لأن صاحب هذه الرؤية يستشعر أنه لم يحدث أي تغيير بداخله رغم ما حازه من ملكيات.    

1 التعليقات

Charles Milverton يقول... @ 4 يونيو 2022 في 4:34 م

رحمك الله أخانا بوغضن.. رحمة واسعـة

إرسال تعليق