| 1 التعليقات ]


3/ بعض الحلول المقترحة :

أ- بما أن مشكلة افتقاد الهوية، كما سلف أن قيل، تعد أم المشكلات. فلا مناص من أن تبدأ عملية العلاج من حلها. و على أساس هذا؛ على الشاب أن يبحث عن هويته ( جذورها ، تاريخها ، أبعادها ورسالتها ) فإذا وجدها – و لا شك هي الإسلام و رسالة الإسلام و حضارة الإسلام - و عرفها فعليه أن يعتز بها و يلتزم بمقتضياتها و تبعاتها ؛ و منها :
  - الإيمان بحقيقة الألوهية " لا إله إلا الله": هذه الشهادة ليست كلمة تقال، كلمة و كفى. بل هذه الكلمة هي الحقيقة المطلقة الوحيدة في الحياة ، تعني – فيما تعني – أن الإنسان الذي أقر بها سَلَمَ تسليما مطلقا لله تعالى بالطاعة المطلقة و أنه عبد لله تعالى لا لأحد سواه سواء كانت نفسُه التي تطاوعه و هواها أو شهواته أو المال أو الجاه أو أحد من الخلق. إنه بذلك الإقرار أعلن نفسه حرا من كل العبوديات إلا عبودية خالقه الرحمان جل سبحانه و تعَالْ.و بتَمَثُل الشباب لهذه الحقيقة الكبرى يتحرر من ربقة العبودية لشهوة الجنس أو المال أو المخدرات لأنه فَهِمَ فَهْمًا يقينا أنه عبد لله و ليس لأحد من هؤلاء.
- الصلاة: من أولى مقتضيات الإسلام كذلك؛ الصلاة. الصلاة التي إذا أقامها الشاب حفظته من كل مشكل و  انحراف أو زيغ عن جادة الصواب. كيف لا و قد قال العليم بمن خلق سبحانه : " إن الصلاة تنهى عن الفحشاء و المنكر" . هذا ليس كلام أستاذ أو عالم بل خالق الإنسان ، لكن المقصود الصلاة المؤداة بشروطها و أركانها و في أوقاتها  و ليست الصلاة التي شبهها الرسول صلى الله عليه و سلم ب" نقر الديك" من شدة السرعة في أدائها .
- بر الوالدين: يكفي أهمية هذا المقتضى الإسلامي أن يقرنه الله عز و جل برضاه أو سخطه. قال الرسول صلى الله عليه و سلم:" رضا الرب في رضا الوالدين و سخط الرب تبارك و تعالى في سخط الوالدين".فالشاب الذي وعى هذه الحقيقة و أصبحت سلوكا اجتماعيا حيا يلتزم به يدرأُ عن نفسه خطر الدعوات الأبوية - الأب و الأم – بالسخط و الهلاك على الابن في حالة اقترافه وزرا في حقه نفسه أو في حقهما خصوصا في حالة غضبهما عليه. علاوة على أن رضاهما عنه مدخل لعلاج اضطراباته النفسية و عثراته الاجتماعية على الأقل.
- العفة: من تَبِعَاتِ تَمَثُلِ حقيقة الإسلام كذلك، التعفف عن كل ما حرم الله. بِفهم هذه الحقيقة و تمثلها، يَعِفُ الشاب عن الغش في الامتحانات و لو سنحت له الفرصة بذلك لأنه ببساطة يعلم أن الغاش ليس من المنتسبين لأمة الإسلام أو أنه يتذكر أن كل حياته ستقام على باطل: سيكون مطعمه حرام و ملبسه حرام.. فأنى يستجاب لدعائه آنذاك . بفهم هذه الحقيقة كذلك، يضع الشاب أمام عينيه نموذج الشاب يوسف الذي يَشِع حيوية و هو يواجه الإغراء الملفوف بالإكراه و ببساطة لأنه عَلِم أن ربه أحسن مثواه. يروي تعالى تلك القصة فيقول: " و راودته التي في بيتها عن نفسه و غلقت الأبواب و قالت هِيتَ قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي إنه لا يفلح الظالمون".سورة يوسف  ( الآية 23 ).و يهذا تنفك مشكلة الجنس الطارئة بالصبر و المصابرة و اعتبار الزواج أمر آتٍ و أن كل آت قريب.
- الحياء، غض البصر: من السمات المميزة للإسلام أنه يجعل " الحياء شعبة من الإيمان" و يأمر المؤمنين و المؤمنات بغض البصر . قال تعالى:" قل للمؤمنين يَغُضوا من أبصارهم و يحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون و قل للمؤمنات يَغْضُضْن من أبصارهن و يحفظن فروجهن و لا يبديهن زينتهن إلا ما ظهر منها و ليضربن بخمرهن على جُيوبهن ". سورة النور ( الآية 30 و جزء من 31). إن تمثل الشاب مرة أخرى لهذه المقتضيات بعد فهمه لحقائقها، تجعله يكون في حصانة كاملة ضد الفيروسات الأخلاقية و الإباحية و الفتنة في الجنس..
- الإحساس بالانتماء لأمة الإسلام: إن انشداد الشاب إلى هويته الإسلامية يجعله يحس بالانتماء للوطن الإسلامي من طنجة إلى جاكرتا منطلقا من أحاديث الرسول صلى الله عليه و سلم:" من بات و لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم" . " مَثلُ المؤمنين في تَوَادِهم و تراحمهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو واحد تداعى له سائر الجسد بالسهر و الحِمى". و هذا الإحساس بالانتماء لأمة الإسلام من الأهمية بمكان لأنه من الأمور المهمة المُعينة له على عدم التفكير في السلوك الجنسي الهابط و هو من الدوافع نحو البحث عن معرفة تاريخ الأمة و مستقبل صراعاتها مع أعدائها..
بكلمة، كلما كان للشباب هوية فكرية ذاتية. و منهج أصيل؛ فإنهم يصبحون قادرين على التمييز و الاختيار. إن انغراس قيمة " إن أكرمكم عند الله أتقاكم" في عقول الشاب. تجعلهم يصمدون أمام القيم التي تأتي من الشرق أو الغرب مثل جمع المال كوسيلة لتحقيق المكانة الاجتماعية و التفاخر.و إن انغراس قيمة" إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه" في نفوس الشباب تجعلهم يُقبلون على الحياة بجدية كي يحسنوا كل ما يقومون به من دراسة أو صناعة أو تجارة  أو وظيفة أخرى(5)..
من مكونات هوية الشاب كذلك ، فضلا عن المكون الرئيس "الإسلام"، هي المغربية ؛ فوعي الشاب بهذه الهوية يجعله كذلك يشاطر إخوانه من نفس الوطن الصغير همومهم في النهضة و التنمية و بهذا تتسع مداركه و يتفتف وجدانه لأمور سامية تُنسيه حمأة الجنس الآسِنَة  و بهذا الانتماء الاجتماعي كذلك تُخَفَف آلامه النفسية و يُدفع دَفْعا نحو طلب المعرفة للمساهمة في فهم أزمات مجتمعه و البحث عن حلول لها. 

(5) مقال: " مشكلات الشباب النفسية و مطالب تكيفهم" . الدكتور خالد الطحان . مجلة الأمة .العدد : 70 سنة 1986 
...تابع القراءة

| 0 التعليقات ]


ج-مشكل الاضطراب النفسي :
يعيش الكثير من الشباب اضطرابات نفسية كثيرة . نتيجة لعدة أسباب من أهمها :
1-البعد عن الله تعالى :
يقول تعالى " ألا بذكر الله تطمئن القلوب" . من هذا المنطلق يتبين أن كل ناشد للراحة النفسية ما عليه إلا أن يلتجئ إلى الله ، و تَحْسِم الآية في الوسيلة التي تطمئن بها القلوب و هي ذكر الله تعالى بمفهومه الشامل . فترك الصلاة وعقوق الوالدين والتبرج والزنا أو مقدماته كل ذلك تسبب في أن يعيش الشباب صراعات نفسية مهولة.
فالشاب يرى التناقض المهول بين ما يُلَقَنُ له من مبادئ و أخلاق و قيم و بين سلوكاته . فيحس في أعماق نفسه بأنه على خطأ وأن خطأه لا يُغْتَفرْ و بسبب ضعف إرادته يزيد في المعاصي فتزداد اضطراباته . ويلجأ أخيرا إما إلى الانتحار (وهو أسوء مصير) و إما إلى المخدرات و التدخين و الموسيقى الصاخبة ومن رحمه الله يتوب إليه. أما المخدرات و السجائر فمعلوم أنها تزيده ألاما على ألام رغم أنها في الظاهر هروب من الواقع المؤلم . وتبدأ في إعلان موته البطيء .أما الموسيقى الصاخبة  فلا تعكس سوى الفراغ المُهْوِل الذي يعيشه و لا تحل من مشاكله شيئا.
2-تناقضات المجتمع :
كذلك ، تنجم المشاكل النفسية التي يعانيها الشباب من التناقضات التي يراها في المجتمع فيلاحظ أن مبادئ تُلَقَن له هنا وهناك ما يتصادم معها في الشارع ، المدرسة ، الأسرة ، المجتمع ككل.. يُطالب بالاجتهاد في الدراسة والبحث العلمي فيصدم بالمحسوبية  المستشرية في مباريات الولوج إلى المعاهد العليا أو التوظيف .. فيفقد الأمل و يتخبط في يأس عميق . يلجأ معه . على أقل تقدير . إلى السيجارة لعلها تخفف من أتراحه و أحزانه فإذا هي تزيد !! . يُصغي السمع إلى كثير من الوعاظ و الخطباء و الموجهين ، فيتأثر لما يسمع ، و تطمح نفسه إلى القيم العالية و الأخلاق الفاضلة ؛ فيفاجأ بما يناقضها في المجتمع .. فتضطرب نفسيته و يدخل في صراع نفسي مرير.
يقول أحد العلماء المعاصرين : " إن من الطبيعي أن تجد أكثر الشبان لا يؤمنون بشيء،  لأن اللاشيء هو النتيجة المنطقية للصراع المستمر بين شيئين !.. ".

د-مشكل الفقر المعرفي :

إن الشباب الذي نجا من سموم السجائر و المخدرات و ألوان الصراعات النفسية ومن الزنا والشهوة الحرام يعاني مشكلة أخرى و هي الفقر المعرفي. فهو يتخرج من المدارس النظامية و هو مُتْقِن للكتابة و للقراءة ولكنه فقير من ناحية امتلاك ناصية المعرفة لا يكاد الامتحان يمر إلا وهو ناس لما هو مدروس. و المساهم بقدر كبير في هذه المعضلة الثقافية و الاجتماعية، حسب العديد من الباحثين، هو سياسات الدولة التعليمية . فالبيداغوجية التعليمية مازالت تعتمد – رغم بعض التغييرات في السنوات الأخيرة – سياسة التكديس المعلوماتي الجافة . إضافة إلى أن أزمة القراءة المستفحلة في العالم العربي تقتضي من السياسة التعليمية أن تأخذ بعين الاعتبار هذا المعطى الهام الذي يستلزم أن تكون المدرسة النظامية المصدر الوحيد للمعرفة الحقيقية بالنسبة.
إن الفقر المعرفي و ضحالة المستوى العلمي للشباب يجعلهم على شفا أي انحراف فكري و نفسي؛ لأنهم ، ربما، سيواجهون بمغالطات تاريخية معرفية تشككهم في عقيدتهم و قيمهم و قدرات أمتهم مما يهوي بهم إلى متاهات فكرية تعادي هويتهم أو يؤدي ذلك بهم إلى فقدان الثقة في المجتمع و التمرد على التقاليد أو اضطرابات نفسية .. 
...تابع القراءة

| 0 التعليقات ]


ب-مشكلة الجنس :
من المعلوم  كون مرحلة الشباب ; مرحلة اضطرام الغريزة الجنسية و تأججها وبروز الميل للجنس الاخر . ولكون الشباب عدة حاضر الأمم ومستقبلها  . راهن أعداء الإنسانية  ( اليهود الصهاينة) مرة أخرى على انحلال الشباب وإغراقه في الشهوات إلى الأذقان لتصبح اهتماماته تافهة : لا ترتفع عن التفكير في النصف السفلي من الجسد . تقول " بروتوكولات حكماء بني صهيون " : " يجب أن نعمل لتنهار الأخلاق في كل مكان فتسهل سيطرتنا. إن فرويد منا ، و سيظل يَعْرِض العلاقات الجنسية في ضوء الشمس لكي لا يبقى في نظر الشباب شيء مقدس , و يصبح همه الأكبر إرواء غرائزه الجنسية , و عندئذ تنهار أخلاقه '' .
 إن السؤال الذي يطرح نفسه هو : كيف أمكن لهذه الحفنة القليلة من الناس أن تفسد كل أخلاق العالم و تجعل كل هَم الشباب إرواء غرائزهم و خصوصا الشاب المسلم الذي في يوفر له دينه حصانه ضد هذه الحياة البهيمية؟
1-الغزو الثقافي : ابتدأت عملية تدمير الصرح الأخلاقي في العالم بأسره ، كما يوضح ذلك البند من البروتوكولات الصهيونية ، بانتشار  النظريات المتعفنة في علم النفس التي تحاول تفسير الإنسانية كلها بالجنس و أن كل حركة و سَكَنَة يقوم بها ما هي إلا رغبة في الفعل الجنسي و تستند إلى مجموعة من الأساطير منها " عقدة أوديب " و عقدة الكترا" . رائد هذه  النظرية هو اليهودي فرويد .
2- المفهومات المغلوطة عن الجنس ووظيفته في الحياة : تنتشر في أوساط الشباب مفاهيم حول الجنس لا تمت إلى حقيقته و وظيفته بصلة ، فبعد أن عرف المسلمون الجنس طوال تاريخهم بأنه عملية بيولوجية  لتكثير سواد الأمة في ظل مؤسسته الشرعية " الزواج" كما جاء في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم : تناسلوا تناكحوا فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة" .أي بكلمة : الجنس من أجل الحياة. يتحدث الشباب اليوم عن وظيفة أخرى للجنس لا تعدو أن تكون بهيمية و حيوانية. أي بكلمة : الحياة هي الجنس .
3-المثيرات الخارجية : أبدع مصمموا الأزياء من أرباب رؤوس الأموال في تصميم ملابس غايتها الإغراء و الغواية واجتذاب الجنس الآخر ، فكانت السراويل الضيقة التي أصبحت سائدة في الأسواق هي الملبس الوحيد للفتيات إمعانا في إبراز مفاتنهن و أعضائهن التناسلية فضلا عن الملابس الشفافة و التنورات القصيرة استمرارا في تكريس الفتاة-الجسد : الفتاة- الشيء .بالإضافة إلى أحمر الشفاه و الماكياج .. كل هذا ساهم في ظهور الفتنة الكبيرة التي تمثلت في جَعْل معظم الشباب يهتم بهذا الجسد المغري للفتاة و جَعْل الفتاة كل هَمِها تزيين نفسها لهم.
4-الفراغ الفكري: إن الشاب ، الذي لا يعيش في عالم الأفكار – أي يعاني من فراغ فكري ثقافي- من الطبيعي أن يعيش في عالم الأشياء – أي اهتمامه لا يتجاوز الأشياء ، كأمثلة:  الجسد ، تسريحة الشَعر ، (الفتاة) الملابس الفاتنة العارية ، التقاط الصور ، نوع الهاتف ..  -،  فهذا بالضرورة سيتعامل مع اضطرام شهوته الجنسية تعاملا فجا يرمي به إلى الفاحشة.
...تابع القراءة