| 1 التعليقات ]





قد ينتبه المتتبع أو لا ينتبه لمسألة تداول الاستقالة أو الانسحاب من العدالة والتنمية والتنظيمات الشريكة في الفترة الأخيرة. بيد أن  المسألة، على حد علمي المتواضع، ليست عابرة وإن كانت لا ترقى إلى أن تكون ظاهرة. خاصة وأن المنسحبين ليسوا من طينة شائعة بل  هم مناضلون من الطراز الرفيع: خلقا، أدبا، كفاءة، ثقافة، نضالية، ومصداقية.
أغلب دفوعات المنسحبين تنصب على أن الهيئات التي ينخرطون فيها لا تقدم أداء مفيدا للمجتمع (سواء في السياسة أو الثقافة أو على مستوى تجديد الوعي الديني). ويضيفون أن تفطنهم لهذا الخلل قادهم إلى التفكير –عن غيرة- (بعد التأمل أو القراءة) في بدائل/مقترحات عملية لتجويد الأداء الاجتماعي لهذه الهيئات، ولكنهم يجدون الابواب مقفلة دون أي تفاعل يُذكر مع مبادراتهم التصحيحية.
(1)
في السياسة؛ يرى المنسحبون أن الحزب عليه أن يتعامل في تسييره للجماعة مع المواطنين بالخطة الفلانية، وقبل ذلك عليه أن يتعامل مع منتخبيه بالمسطرة الحازمة، وقبل هذا وذاك عليه أن يتفاعل مع أعضائه وأنصاره ومتعاطفيه بالشكل التالي. أما على صعيد الحكومة، فالتمثلات النقدية التي يحملها معظم المنسحبين تحبذ وصفة "بنكيران" كحد أدنى على مستوى تمنيع الخطاب والممارسة الحكوميين.  
يتقدم المنسحبون (أو الذين يفكرون في الانسحاب) بهذه الأفكار البسيطة ولكن التي تبدو عسيرة في التنزيل العملي على المستهدفين بها من مسؤولي الهيئات. يرافع الأخ من أجل مقترحه/تصوره/خطته في لقاء أو لقاءات أو قد يهمس به في أذن المعني به أو في أذن المقربين منه. لا يجد الأخ تفاعلا يذكر، فيلوم الجميع، ويفكر في مغادرة التنظيم.
بعد استبعاد وصفة "بنكيران" قسرا في الحكومة، فكر أصحاب التمثلات النقدية (وهم للإشارة أكثر حيوية ونشاطا ونضالية مع التحفظ على الإطلاقية والتعميم) في طريقة للتعويض النفسي والسياسي والنضالي عن غياب تلك الوصفة؛ فلم يجدوا أمامهم من حل سوى التفكير في تعديل القانون الداخلي مما يسمح له بولاية ثالثة على رأس الحزب تتيح له الحضور السياسي المفيد للمشهد الديمقراطي (الذي يحتاج لأحزاب ونخب قوية ومستقلة تناضل باستماتة واستبصار) وتفتح له إمكانية تجديد الوصفة بنكهة أقوى في حكومات لاحقة (بعد الحفاظ على الحزب كأداة قوية للإصلاح وتقوية فرص تصدره للمشهد الانتخابي في انتخابات سابقة لأوانها أو في انتخابات عادية).
خابت آمال المنسحبين، بعد التصويت برفض التمديد في القانون الداخلي في الحزب بفارق بسيط جدا. وظنوا بأن الرفض وراءه أياد خفية، فصاروا يحسون بالإحباط والاغتراب داخل الحزب لأن معيار الفائدة في الأداء الحكومي، في الفترة الراهنة على الأقل، هو تنزيل وصفة بنكيران، وهو ما يغيب بسبب غياب صاحب الوصفة. الحل هو المغادرة الطوعية وأحيانا المغادرة القسرية (بعد صراع في لقاء مفتوح أو مؤتمر تنظيمي مع مسؤول محسوب على الخط الرافض للتمديد لبنكيران  ويستغل صلاحياته أبشع استغلال).
 في الثقافة؛ تنبثق عند الأخ ميولات جادة نحو القضايا الفكرية والثقافية، فيجد نفسه وهو ابن أم هيئات العدالة والتنمية وحيدا أو على الأقل مع قلة قليلة من المهتمين بذات القضايا. فالغالبية العظمى تنخرط في نقاش التدبير اليومي (في السياسة، والتنظيم) وتتيه في متابعة اللقاءات التنظيمية الراتبة وتكرر نفس العبارات والأفكار والجمل والتوجيهات... إلخ. فيتساءل مع نفسه، ما الجدوى من الاستمرار في ذات التنظيمات أو الهيئات خاصة وأنه حاول أن يقترح برنامجا تكوينيا جديدا فتم رفضه وحاول أن يقترح موضوعات وكتابات ومؤطرين جدد فصُدت عنهم الأبواب؟!
يحاول المهموم بالثقافة الذي صار يؤمن بأن المدخل الحقيقي للتغيير وإفادة المجتمع هو بث الوعي. يحاول أن يجد صلة بين ما يؤمن به حديثا وما راكمه من أفكار وقناعات، فتراه يحاول التوفيق بين شعار "ترشيد التدين" الذي ترفعه الأم وبين أولوية تجديد الوعي الديني (فيبحث عن مسوغات لذلك منها أن المصطفى بدأ بزرع العقيدة أي قلب الوعي أولا قبل الحديث عن السلوك والممارسات والشعائر... إلخ). تتطور لديه هذه الأفكار فيرى بأن وظيفة الحركة الحقيقية هي الإصلاح الديني، وما أعظمها من وظيفة إذ كانت أيضا منطلق أوروبا في الترقي! لكن سرعان ما يقطع حبل الحلم فيجد أن الحركة في الواقع غارقة في جلسات رتيبة (على أهميتها بالنسبة للأطفال والفتيان) ولقاءات تنظيمية مثقلة بالبيروقراطية (على أهمية التنظيم في تدبير شؤون الهيئات) وحملات (يُختلَفُ في تقدير فائدتها عدا أنها لا تخدم مشروع الإصلاح الديني وإن كانت لا تتناقض معه).
يناقش هذه الأفكار بالهمس والإشارة والتلميح في البداية، لكن قطار التفكير لا يعرف محطة للتوقف، تخونه العبارة في لقاء مفتوح، يُقدم مقترحاته في نقاشات حميمية. يتأكد من أن النسق عصي على استيعاب ما يؤمن به. يهرب من النسق حيث يمكن أن يجد الهواء الكفيل بإنعاشه وهو يضم إلى صدره بقوة تلك الأفكار ويستمر في قطار التفكير (وربما الكتابة والتأليف في أحسن الحالات).
(2)
القاسم المشترك بين المغادرين الذين سبقت الإشارة إليهم أعلاه هو؛ الحيرة أمام غياب أداء يفيد المجتمع من ناحية الإصلاح الديني أو الثقافي أو السياسي، والغيرة على الجهد النفسي والبدني والمالي الضائع (على المستوى الفردي) الذي  يُظَن أنه يمكن أن يُوَظَف بشكل إيجابي لصالح المجتمع.
على المستوى السياسي؛ من البديهيات أن الإصلاح على هذا المستوى يحتاج إلى الانخراط في حزب. فالحلم بمجتمع كريم ووطن عزيز ينعم مواطنوه بالحريات الديمقراطية وتخف فيه الفوارق الاجتماعية ويتمتع بمنظومة تعليمية منتجة لمواطن قادر على التمييز (وقول: لا في الوقت المناسب، ونعم متى استحق القيل أو الفعل ذلك) ومعطاء في مجاله العلمي ومساهم في حلقة التنمية والإضافات المفيدة للمجتمع. إن هذا الحلم لن يتحقق عمليا إلا عبر بوابة العمل السياسي والانخراط الحزبي في تدبير السياسات العمومية.
الاستقالة من الحزب والمغادرة الطوعية بسبب استعصاء تنزيل الرؤى الشخصية (محليا وحكوميا) يَلزَم فاعله التفكير مليا في أحلامه السياسية والتنموية.
في التاريخ السياسي للمغرب المعاصر دروس بهذا الصدد؛ في أواسط ستينيات القرن الماضي لما استاء التلاميذ والطلاب والشباب عامة من الخط السياسي لحزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية (الذي كان بالمناسبة أمل تلك المرحلة كما هو الشأن بالنسبة للعدالة والتنمية في النصف الأول من هذا العقد). إذ كان قد مضى على الاستقلال السياسي عقد من الزمان دون أي تململ ملحوظ في المشهد التنموي والديمقراطي. ففكروا في فتح النقاش مع أقرانهم في شبيبة الحزب.
فتحوا النقاش بشكل محدود، وكان شعار دفوعاتهم النقدية هو غياب الوضوح الإيديولوجي في مشروع الاتحاد. طبعا، كان معروفا أن الاتحاد يعرف انقساما على صعيد قيادته بين جناح المهدي بنبركة (الذي لم يحتمل الخلاف ففضل المنفى الاختياري إلى أن تعرض للاختطاف يوم 29 أكتوبر 1965 رحمه الله) وجناح عبد الله إبراهيم (الذي تدعمه نقابة الاتحاد المغربي للشغل بزعامة المحجوب بنصديق). ظهر الخلاف في المؤتمر الثاني عام 1962 حينما تم رفض ورقة "الاختيار الثوري" للمهدي بنبركة وعرض ورقة "التقرير المذهبي" لعبد الله إبراهيم.
أجل، لقد كان المهدي بنبركة زعيم المرحلة، وهو الدينامو الذي جمع الشتات الذي أنشأ الحزب، وكان ملهم الشباب بخطاباته ورؤاه الثاقبة حول مستقبل المغرب المستقل. صحيح كان عبد الله إبراهيم أيضا زعيما في أوساط الخلايا المراكشية منذ نعومة أظافره، وكان مثقفا لا يشق له غبار جمع بين الثقافتين الإسلامية والغربية، وكان مناضلا نقابيا وسياسيا يجذب النقابيين. لكن المهدي اختارته الأقدار واختاره الناس وخاصة الشباب ليكون زعيما شعبيا وأمميا فريدا في تلك المرحلة.
في النصف الأول من عقد الستينيات، تم إحداث أول دستور (كيفما كان التقييم، وبغض النظر عن كونه دستورا ممنوحا، فالعديد من الباحثين يشيرون إلى أنه متقدم بالمقارنة مع الدساتير التي تلته وبالمقارنة أيضا مع سياق المرحلة) عام 1962، وتم تنظيم انتخابات ديمقراطية نزيهة (سمحت للمعارضين بإحراز مقاعد مهمة مجموعها 69 مقعد، منها 28 مقعد خاصة بالاتحاد؛ وجدير بالذكر أن الاتحاد لم يحصل على هذا العدد من المقاعد حتى في سنة 1977 أي بعد المصالحة مع القصر على إثر قضية الوحدة الترابية، إذ كان مجموع المقاعد المحصل عليها آنذاك في حدود 15 مقعد بسبب التزوير) وتم تدشين أول تجربة نيابية ديمقراطية قوية لعبت فيها المعارضة الوطنية أدوارا طلائعية انهارت معها مكونات الأغلبية المصنوعة مرارا.
لكن للأسف تم الانقلاب على هذه التجربة الديمقراطية الناشئة وتم إعدام الحياة الدستورية الفتية بإعلان حالة الاستثناء في سنة 1965. وتم الانخراط في مسلسل من التراجعات لم يفق منه المغرب إلا عام 1998. اكتمل المسلسل بالاغتيال المادي لزعيم المرحلة في 29 أكتوبر 1965، بعد اغتياله رمزيا من طرف أشقائه في الحزب.
وقف الشباب أمام هذه الانقلابات دون أن يجدوا أجوبة من طرف قيادات حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية الذي كان في حكم المُصاب بالشلل. تلا ذلك نكوص إقليمي بهزيمة 1967.
ولى الشباب وجهته نحو الاتحاد السوفياتي الذي دعم بعض الحركات التحررية، وانبهروا بالثورة الثقافية في الصين عام 1966، فانكبوا على الحرف والقراءة وصاروا مؤمنين بأنه لا خلاص سياسي ينتظرنا من دون تطبيق وصفات الماركسية اللينينية. فكانوا يحلمون بالحزب الثوري الذي يقوده العمال ويفجر الثورة التي ستكون –حسب تحليلهم- منطلق برنامج اقتصادي واجتماعي وعلمي ثوري. طبعا، لم يكن العمال في مستوى هذه الطموحات. لكن، هربرت ماركوز أحد الماركسيين النجباء اقترح حلا واقعيا وهو اعتبار الطلاب بمثابة طليعة تكتيكية للثورة في انتظار طليعتها الاستراتيجية (العمال).
هكذا، غادر الشباب حزب الاتحاد، ولجأوا إلى الساحة الجامعية، وكان المنطلق "ظهر المهراز" بفاس، لإعداد الطليعة التكتيكية (الطلاب). من حسن حظهم، أن المحيط السياسي والفكري كان مناسبا لأنه يغلي. ولهذا سرعان ما استحوذوا على الإطار الطلابي في ظرف سنوات قليلة واكتسحوا جماهير الاتحاد بل وحصلوا على رئاسة المنظمة الطلابية (أوطم) عام 1972.
قمة ما يمكن أن يفكر فيه الفرد في مناهج التغيير السياسي هو (الثورة)، فكر فيها أولئك الشباب بعد تراكم إحباطات ما بعد الاستقلال. أدوا الثمن غاليا، اعتقلوا ونُفوا وعُذبوا. في السجن قاموا بمراجعات وتأملات. خرجوا من السجن فأسسوا حزب "منظمة العمل الديمقراطي الشعبي" عام 1983. اشتغلوا بالحزب 13 سنة. انشق الحزب وتمخض "الحزب الاشتراكي الديمقراطي" الذي اندمج من جديد في حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية سنة 2006/2007.
هؤلاء الشباب استقالوا لأنهم رأوا أن الحزب لا يقدم أداء مفيدا في المشهد السياسي بعد مرحلة نكوص إقليمية ومحلية. فانخرطوا في نقاشات وقراءات أوصلتهم إلى الإيمان بطرق ظنوا أنها أفيد في التغيير، فسلكوها بصدق، وأدوا الضريبة غاليا. فعادوا تدريجيا إلى حزبهم الأول بعد 40 سنة أي بعد ميلاد جيل كامل!
لماذا؟ لأن التأثير في المشهد السياسي المغربي يحتاج إلى حزب يحمل اسما كبيرا ويقف على إرث عريق ويتمتع بقيادة نفاذة وذات مصداقية لا تُخلف المواعيد مع التاريخ. ربما دخولهم من جديد إلى الحزب جاء متأخرا إذ وجدوه طريح الفراش ولا أمل في العلاج. هنا، يَهُم الدرس الكبير وهو أن الطواف الذي دام 40 سنة قاد المغادرين الأوائل إلى العودة بعد تجريب خيارات ومسارات أخرى.
الشق الثاني من حزب منظمة العمل الديمقراطي الشعبي المنشق عام 1996، تحالف مع المغادرين الجدد لحزب الاتحاد الاشتراكي غضبا من مسار "التناوب التوافقي" باعتباره غير مفيد لمسيرة النضال الديمقراطي، فأنشأ التحالف الجديد حزبا جديدا هو "اليسار الاشتراكي الموحد" تطور إلى تحالف أكبر هو "فيدرالية اليسار الديمقراطي". طبعا، هذه الفيدرالية تضم طاقات كبيرة وتروج لمشروع طموح. لا يسع أي ديمقراطي غيور إلا أن يتمنى لها النجاح. ولكن في نهاية المطاف، ليست سوى حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي (عمر بلافريج ليس سوى فتح الله ولعلو حينما كان رئيسا للفريق البرلماني للحزب).    
(3)
فيما يخص المغادرين المهمومين بأسئلة الثقافة والمهجوسين برهانات بث الوعي. طبعا، سؤال الثقافة يمكن حمله بشكل فردي بخلاف سؤال السياسة. بمعنى أن الخروج من التنظيم ومغادرة هيئاته، إذا كان فعلا سيوفر الجهد والوقت على صاحبه ليقدم عملا أهم وأفيد للمجتمع كتدبيج مؤلفات وتوسيع شبكة العلاقات وإطلاق العنان للاجتهاد وتنويع فضاءات التأطير (الندوات والمحاضرات مع مختلف المؤسسات). فالمغادرة مفيدة لأن تكاليف البقاء فيها خسارة نفسية ومادية ملموسة.
أما إن كان سبب المغادرة عدم قيام الحركة بوظيفتها المفترضة؛ "الإصلاح الديني". فمؤسسات الدولة الرسمية لا تقوم بهذا الدور. ولا يمكن لبضعة أفراد أن يعوضوا عمل المؤسسات الشعبية أو الرسمية. ولهذا فالاشتغال بشكل فردي أو العمل على فتح نواة (في حدود 10 أفراد) عبر البحث والنشر والإسهام في النقاش العمومي عبر الوسائط الإعلامية المُتاحة يمكن أن يشكل مقدمة لاتجاه عام أو نَفَس يعيد الاعتبار لجوهر الدين ويحرره من الزوائد التي لحقت به. إلا أن المؤسف هو أن المناخ المجتمعي غير قادر على إنجاب تنظيمات جديدة في ظل النزعة الاستهلاكية والسلبية والسيولة المنتشرة.
وهذا ما يحيل على التوكيد على أن القيام بشكل فردي بالحد الأدنى من تجديد الوعي الديني في المستويات الدنيا وسط التنظيم في أوساط التلاميذ أو في جلسات الشباب الشاردة في حي من الأحياء عمل أفيد من الانسحاب بشكل كلي بدون الانخراط في بدائل منسجمة مع حلم تجديد الوعي الديني.
(4)
على سبيل تلخيص الخلاصات؛ يمكن القول:
-          إن الانسحاب مسألة شخصية متروكة أسبابها لرهانات الفرد وأهدافه في الحياة وأحلامه تجاه المجتمع.
-          إن التنظيمات تستعصي على التغيير السريع، ولا تقبل الجديد إلا على مضض، ولا يمكن لإرادة فرد أن تغير المنحى العام.
-          إن التاريخ لا يتحرك بالرغبات (رغبات الأفراد)، بل تحكمه سنن تؤطر صراع الإرادات.
-          إن السياسة، سواء في بعدها التنموي على المستوى المحلي أو في بعدها الديمقراطي على المستوى الحكومي، لا يمكن تقديم إضافة فيها تفيد المجتمع خارج الاحزاب. واليوم الحزب الأقوى، رغم كل شيء، هو العدالة والتنمية. ومن الصعب بناء حزب في حجمه (على علاته)، وبالتالي من الصعب التفكير خارج إطار النضال من داخله عبر تقوية الشق الإصلاحي فيه الخادم للمجتمع.
-          إن قضايا الفكر والبحث العلمي تحتاج إلى تركيز وجهد استثنائي لإنتاج ما يفيد المجتمع. لهذا فالانسحاب ينفعها، غير أن تعميم نتائج البحث وتحويلها إلى ثقافة في أوساط المجتمع أي بث وعي جديد يحتاج بالضرورة إلى مؤسسات شعبية تحتضن هذه الافكار وتنشر هذه الثقافة.
-          إن قضايا تجديد الوعي الديني متصلة بالاشتغال على ثقافة المجتمع بهدف تحريكها وهو ما يتطلب جهدا أكثر من فردي. ولهذا فاليأس من تحويل التنظيم إلى حركة إصلاح ديني لا يمنع من تشكيل أنوية وخلايا للعمل على هذا المشروع المفيد للمجتمع خارج التنظيم.
-          الأساسي هو أن يكون الفرد فعلا طامحا إلى إفادة المجتمع. أما إن كان حريصا على إفادة نفسه فقط فحضوره في التنظيم وغيابه سيان، وإن كان تكاثر أمثال نموذجه عنوان الانهيار.  

1 التعليقات

Unknown يقول... @ 19 أبريل 2018 في 7:25 ص

تحياتي مقال تحليلي عميق، غير أن السؤال هو كيف يمكن الجمع بين الاستقلال الفكري والثقافي وبين خدمة المجتمع بالثقافة عن طريق التنظيم؟

إرسال تعليق