| 0 التعليقات ]






هناك قصص كثيرة لمتدينين سقطوا في مسالك وعرة؛ مثل: الجنون بالمراهقات وهم على عتبة الستين، الهوس بالتعدد وهم في ريعان الشيخوخة، ملاحقة الفتيات أمام الثانويات وهم كهول يستقبلون الأحفاد... إلخ. كما أن هناك قصص ذائعة في الثقافة الشفوية في بعض مناطق الجنوب عن فقهاء تم استدراجهم إلى الاختلاء بفتيات فنسوا سورة يوسف التي طالما استظهروها عن ظهر قلب.

كما أن هنالك أيضا قصص لفتيات هن لبؤات في معارك "التدين" المتصلة بالعفة والزي والصلاة... إلخ. لكنهن يتحَين الفرص للشروع في ممارسات "سحاقية" صادمة؛ إذ يعمدن إلى ترك رفيقاتهن حتى يستسلمن للنوم فيهرعن إلى مداعبتهن في المناطق الأنثوية الحساسة.

لا شك أن خصوم التدين وهواة الاستجابة لنداء الجسد بالشكل المفتوح ينتظرون سماع أمثال هذه القصص للنيل من الدين و"التربية" وكيل كل ألوان التثريب للمتدينين والمربين، بل والنطق بحكم الإعدام في حق "الدين"! ينتظر هؤلاء هذه الفرص، ليقولوا: "ألم نقل لكم؟ّ! إن هذه انعكاسات "العُقد" التي يعاني منها هؤلاء؟! إنهم/إنهن مرضى ب"الكبت" يتظاهرون بالعفة ويحرمون الممارسة الحميمية الرضائية، فيسقطون في هكذا سلوكات شاذة!".

طبعا، وقوع هذه الحوادث يستدعي تجديد التفكير في دور الدين في حياة الإنسان وطرح أسئلة كبيرة وعلامات استفهام كبرى. ولكن، مهلا! لا بد من الإجابة على سؤال أهم؛ هل هكذا شذوذ في السلوك الجنسي لصيق بالمتدينين فقط؟

هناك قصص مروعة لا يلتفت إليها أحد ولا يسائلها أحد. لأنه في ظل الحملة العالمية على "الدين" بشكل عام، وهي في الحقيقة حملة على "المعيار" و"القيم" و"الضوابط" و"المقاييس" و"المرجعيات"، يتم استقصاء سقطات المتدينين خاصة الذين يحترقون بحرارة التدين كيفما كانت ديانتهم للإجهاز على "المعيار" في حد ذاته (معيار العفة مثلا). ويتم تناسي وإغفال حوادث هامة بل مروعة لغير المتدينين المتورطين في سلوكات شنيعة.

الصورة الكفيلة بتوعيتنا بمكمن العطب لن تكتمل إلا بالإحاطة بقصص غير المتدينين الذين تحرروا من كل "العُقد"َ وكل ألوان "الكبت"!

يا سادة! ثمة قصص لمنسوبين إلى عالم الفكر والثقافة (بعضهم يُنظر إليه على أنه فيلسوف جيله أو صاحب مدرسة فكرية جديدة... إلخ)، تورطوا في ابتزاز وحشي لطالباتهم، وساوموا الكرامة بالمستقبل الدراسي (عبر بوابة تخفيض النقط، وتوظيف النقطة الموجبة للرسوب) ونسوا كل أدبيات حقوق الإنسان التي تُشير إلى أن "الكرامة" تُشكل قطب رحى هذه الحقوق. كما أن هناك قصص لمثقفين كبار، كانوا للمعايير "الدينية التقليدية" في طليعة الخصوم الأوائل، انكشفوا مع فتيان قاصرين في حوادث شذوذ جنسي. وثمة حوادث معروفة لفنانين، يجيدون التمثيل أو الغناء عن الحب واللطف ورقة المشاعر، ولكنهم لا يتورعون عن الاغتصاب والعنف والفظاظة في الخطاب مع الفتيات اللائي يرفضن نسج أي علاقة جنسية معهم.

ومع ذلك، تم إهمال تسليط الضوء على كل هذه القصص. صحيح قد يتم إثارة الرأي العام إلى بعضها ولكن غالبا ما يُفعل ذلك في سياق الصراع السياسي مع بطل القصة بهدف الإجهاز على مستقبله الحزبي/السياسي.

إذن، ليس التحرر من "العُقد" و"الكبت" هو سبب سقوط بعض المتدينين في سلوكات جنسية منحرفة، لأن غير المتدينين قد تحرروا من كل "العُقد" ولكن في نهاية المطاف سقطوا في سلوكات جنسية  أكثر شذوذا وأكثر شناعة بالرغم من أن بإمكانهم الاكتفاء بالارتواء من الممارسات الحميمية الرضائية التي يشيدونها بشكل محترم وعن طيب خاطر.

يبدو أننا نحتاج إلى مزيد من التعمق والتأمل في حياتنا الاجتماعية اليومية حتى نفهم أن الإنسان كائن غاية في التركيب، وأن صلاح سلوكه أوفساده أكبر من أن يرتبط فقط بما يعتقده من عقائد. 
ولكن يبقى السؤال العريض: ما الفرق بين المتدين وغير المتدين؟ أو ما هي الإضافة التي يمكن للدين أن يمد بها الإنسان إذا ارتبط به غاية الارتباط؟

فلندع الإجابة إلى المقالات القادمة.

...تابع القراءة