| 1 التعليقات ]





أي فكرة نبيلة تنطلق لتخدم الإنسان؛ يتلاشى جوهرها الذهبي المشرق مع وقوعها في يد حركة أو تنظيم يتعرض مؤسسوه للتدجين والاحتواء والتوظيف من طرف أصحاب المصالح الكبرى. من هنا ليس غريبا أن يكون حجم التحول الذي يلحق الفكرة ضخما خاصة إذا تم إلحاقها بمصالح الإمبريالية العالمية.

يمكن أن نذهب إلى أبشع حركة نستقذرها في وعينا (الصهيونية) لنرى أنه يسري عليها هذا التحول. فالصهيونية كفكرة أولية تحيل على حماية اليهود المشتتين في الأرض والمعذبين في "الكيتوات"، هي فكرة إنسانية مشرقة، ولكن ارتماؤها في أحضان الاستعمار الامبريالي باعتباره إغراء وسعيها لصيانة إنسانية اليهود على حساب إنسانية الآخرين (الفلسطينيون، وغيرهم)، أحال الصهيونية مع ما تتالى من الأحداث والتطورات إلى حركة استعمارية إحلالية عنصرية مدمرة وغير إنسانية.

قد يقول قائل: وما الفائدة اليوم من التذكير بأصل فكرة الصهيونية، ونحن نتلظى بجرائمها يوميا ونعرف جيدا أفكارها انطلاقا من أعمالها، لعلها حيلة جديدة للتطبيع مع المشروع الصهيوني؟

طبعا، يجب الانتباه إلى التوظيف السلبي لأي نقاش يُفتح. لكن الفائدة تتجلى في أن المرافعة ضد الصهيونية ستكون أقوى إذا كانت مستندة إلى العمق الذي بنيت عليه أصلا. إن هذا العمق يحيل على أن اليهود، في زمن القرن 19 ومطلع القرن العشرين، يعانون من معاملة غير إنسانية بعدما صاروا منبوذين في ظل النظام الرأسمالي الذي حرمهم من وظائف الوساطة التي ينتعشون بها في ظل النظام الإقطاعي. وبالتالي، يحتاجون إلى فضاء يحترم إنسانيتهم ويصون كرامتهم.

إذن، ترتكز الفكرة الأولى التي شكلت منطلقا ل(الصهيونية)على معان جليلة عمودها هو احترام كرامة الإنسان "اليهودي". (في هذا المقام، لا تهمنا الديباجات الدينية المُوظفة في الخطاب الصهيوني لتنزيل هذه الفكرة لاحقا). ولكن المفارقة البارزة في مشهد اليوم تتمثل في أن ما تقوم به الصهيونية -عبر كيانها ولوبياتها-هو انتهاك مستمر لكرامة الإنسان "غير اليهودي".

إذا أردنا أن نكون أوفياء ل "روح الصهيونية"، أي العمل على احترام كرامة الإنسان اليهودي؛ فيتعين أن نكون واضحين في الإيمان بأنه لا يمكن أن تُصان كرامة إنسان في ظل الهدر الذي تتعرض له كرامة إنسان آخر. ولا يمكن أن نتحدث عن احترام هوية امة مع استمرار مسلسل تدمير هوية أمم أخرى.

إن احترام كرامة أي مجموعة بشرية لها هوية تُميزها لن يكون إلا في ظل نظام ديمقراطي. هكذا، رأينا عمدة لندن مسلما ورأينا أوباما رئيسا لأمريكا (بعدما كان الجنس الأبيض في أمريكا يضهد السود لعقود طويلة من الزمن). وبالتالي، الوفاء ل"روح الصهيونية" يقتضي العمل على إنهاء الاحتلال وحل الكيان وبناء أسس دولة فلسطينية بمقوماتها الحضارية التاريخية المتنوعة على أرضية نظام ديمقراطي يقوم على المواطنة ويصون التعايش بين مختلف الديانات والحساسيات.

بهذا، فقط، يمكن الوفاء لروح فكرة الصهيونية. بهذا، فقط، يمكن توفير الحماية وصيانة الكرامة وحفظ الهوية للجماعات اليهودية. أما وأن الكيان الغاصب قائم واستغلال الإنسان والعمران سلوك مستفحل؛ فإن المقاومة ستتجدد وستمدد إلى أن يسترجع الإنسان كرامته ومقدساته. ولن ينعم الإنسان "الصهيوني" بالراحة أو السلام أو الكرامة؛ ما لم ينعم الإنسان الآخر بمقومات كل ذلك.

إن الفكرة التي ندندن حولها في هذه السطور متصلة بطبيعة الخطاب المفيد للقضية الفلسطينية في أوساط المثقفين والأجانب وفي المحافل الدولية. ونقصد الخطاب الكفيل بإحراج الصهيونية بأوراقها. ويمكن أن يكون المدخل إلى ذلك هو إعادة النظر في مدى اتصال المشروع الصهيوني كما هو اليوم بالفكرة الأساسية التي بُني عليها المشروع. ولا يخفى أن جوهر الفكرة هو تأمين حياة الجماعات اليهودية؛ كما أنه واضح أن هذه الجماعات تعيش وهي غير مطمئنة بسبب الضغط المعنوي والمادي الذي أحدثته المقاومة الباسلة. إذن، المشروع الصهيوني فاشل في تنزيل الفكرة الأم. والحل يبدأ بحل الكيان؛ وفاء لروح فكرة الصهيونية.

أما الخطاب الموجه للصف الداخلي للتعبئة على النهوض بأعباء المقاومة والوفاء لخط الممانعة فهو خطاب مختلف؛ من المفروض أن ينهل من الدين أو أي قيم رمزية تلهم الإنسان قيم النضال والتضحية والاستشهاد في سبيل الوطن والقضية.



...تابع القراءة

| 0 التعليقات ]






ثمة خصام تاريخي تورطنا فيه تجاه مجموعة من المفاهيم والأفكار في سياق صاخب بالصراع. ولكن يبدو أنه لا معنى، اليوم، لاستمرار ذات الخصام، خاصة وأننا نعاني من العديد من الأدواء مردها إلى العجلة في إصدار الأحكام والغفلة عن التدقيق في المدلولات والمسميات.

لا شك أن من مثيرات الخصام؛ الدلالات والرواسب التي تتصل بالمفاهيم أو الأفكار أو المذاهب مع التطورات التاريخية والتحولات البنيوية اللاحقة. فغالبا ما نجد المفهوم أو المذهب ناصعا في جوهره ومشرقا في طفولته وضروريا في زمن نشأته غير أن ما يصاحب عملية نموه من ردود أفعال تجاهه ومن معيقات تقف حجابا في طريقه أو أحيانا بسبب مغريات لم تكن كائنة زمن ميلاده. لكل هذه الأسباب، تتشكل صورة أخرى عن المفهوم غير ما أراد به مؤسسوه.  

تعد كلمة "اليسار" من الكلمات التي تحيل على دلالات مناقضة للهوية في مخيال العديد من الناس. هكذا، أخذ الناس من اسم "اليسار" مسمى واحدا ارتبط بموجة "اليسار الجديد" التي انبعثت في أواسط الستينات من القرن الماضي.

في حين أن أصل كلمتي "اليسار" و"اليمين" يرجع إلى الجدل حول الدستور في مجلس النواب الفرنسي عام 1789، حيث جلس المؤيدون لسلطات أوسع للملك على يمين رئيس المجلس، وجلس المؤيدون لسلطات أوسع للبرلمان على يساره. اكتسبت هذه القسمة فيما بعد معنى عاما، فالذين يجلسون جهة اليسار هم المطالبون بالتغيير، ومن يجلسون جهة اليمين هم المطالبون ببقاء الوضع القائم. (1)

إذن، الرواسب التاريخية والإيديولوجية التي علقت بمفهوم "اليسار" أدت إلى تحميله مضامين جديدة حتى نسي الناس جوهر المفهوم. ولا شك، أن إيحاءات فكرة "اليسار" الأولى إيجابية جدا. فالدفاع عن توسيع صلاحيات البرلمان عوض صلاحيات الملك هو دفاع عن مبدا "ربط المسؤولية بالمحاسبة"؛ إذ أن البرلمان منبثق من الشعب وعرضة لرقابته وعقابه في الاستحقاقات الانتخابية وبالتالي حيازته لصلاحيات واسعة دلالة على تجذر الإرادة الشعبية في كل القوانين والتدابير. أما توسيع صلاحيات الملك، فهو حيازة فرد واحد غير قابل للمحاسبة ولا المتابعة للسلطات التي تمكنه من أن يتصرف في مُقدرات شعب كادح.

هكذا، يريد "اليسار" الانتصار للإرادة الشعبية في مقابل خيار الانتصار لإرادة فرد. وفعلا، المسار التاريخي الذي تلا 1789 حافل بالمعاناة في سبيل توطيد دعائم أنظمة تسعى لتعزيز الإرادة الشعبية عوض إرادة فرد أو أقلية محتكرة.

إن الناس ينسون في نقاشاتهم، والإعلام يُعينهم على الغفلة عن ذلك، بأن "اليساري" الأصيل هو الذي ينحاز للشعب ويعمل على تعزيز الإرادة الشعبية في كل المؤسسات وعلى كل المستويات. وبالتالي؛ لماذا أكون ضد "اليسار"؟ او ليس الانتماء لخط "اليسار" انتسابا لخط الشرف والمنافحة عن إرادة الشعب؟

إن "اليسار" قبل ظهور الماركسية، في القرن 19، وارتباطه بالمسالة الاجتماعية؛ هو حارس الإرادة الشعبية ضد نزوعات السلطوية وهيمنة اللوبيات والعائلات الحاكمة على قرار وموارد الدولة. إن اليسار، لاحقا، مع الماركسية في طبعتها اللينينة هو عنوان مقاومة الإمبريالية على المستوى العالمي باعتبارها "أعلى مراحل الرأسمالية".

واليسار، اليوم، الذي نعرفه في الألفية الثالثة في سياق نظام عالمي أحادي القطب هو يسار الدفاع عن "الحريات الفردية" (الشذوذ الجنسي، الإجهاض، الإفطار العلني في رمضان، العلاقات الجنسية "الرضائية"، المساواة في الإرث). ولعل وجودنا في زمن "ما بعد الإيديولوجيا" حيث يخفت الإيمان بالقضايا الكبيرة والأفكار الجليلة والقيم العظيمة ويرتفع منسوب الالتصاق بنداء الجسد عوض ذلك، كان سببا ملحا في بروز يسار "الحريات الجنسية".

هكذا، يبدو مسار "اليسار" حافلا: معارضة السلطوية والعمل على توطيد النظام الديمقراطي البرلماني؛ حمل المسالة الاجتماعية والدفاع عن الطبقة الكادحة ضد المستغلين لقوة عملها؛ مناهضة الامبريالية والصهيونية على المستوى العالمي؛ الدفاع عن الحريات الفردية بمختلف الوانها باعتبارها أم القضايا والدفاع عن البيئة وما يتهددها من دمار على المستوى العالمي. وقد تجد الهيئة "اليسارية" الأصيلة تستجمع كل هذه القضايا في خطابها ونقاشها وبرنامجها.

إن فكرة اليسار، قد اتضحت، وهي: الانحياز لخط العدل السياسي والاجتماعي والدولي والجنسي. إننا نحتاج إلى إيقاد هذه الفكرة بشكل متجدد. قد نختلف مع بعض المضامين في تنزيلها فيما بيننا. ولكن تبقى فكرة "اليسار" فكرة إنسانية نبيلة ومشرقة.

إن الحاجة تبقى دائمة، في بلادنا، للناس الذين يقفون على يسار الظالمين والمفسدين والمستبدين والمتخلفين والجاهلين والصهاينة والمستكبرين؛ ويعلنون بنباهة وقوة وحكمة وبصيرة علمية أن لا: للفساد والاستبداد، والظلم والسلطوية، والجهل والتخلف، والصهيونية العنصرية والاستكبار العالمي.

(1)علي عزت بيغوفيتش، هروبي إلى الحرية، ترجمة: محمد عبد الرؤوف، مدارات للأبحاث والنشر، القاهرة، الطبعة الأولى، 2014، ص:179.


...تابع القراءة

| 0 التعليقات ]





سألت صديقا لي بلغ مقام الأبوة مؤخرا، كيف وجد ذلك المقام؟ فوجئت بأنه أجاب: إنه مقام رائع، فبعده يكون لك هدف في الحياة. بعد تقليب النظر في جواب صاحبي، عادت بي مخيلتي إلى استجماع عناصر المشهد العام للمنظومة التي نسير وفقها، والتي تتوطد دعائمها يوما بعد يوم.

إن المنظومة المقصودة هي التي تحدد السيرة المطلوبة من كل إنسان كي يسلكها، والمحطات التي ينبغي أن يمُر عبرها، والمعاني والأفكار والهموم والأهداف والغايات التي يتعين عليه ألا يتجاوزها. قد يتساءل سائل: من المسؤول عن بناء هذه المنظومة ورعايتها؟ دعونا نحاول أن نقترب منها، لعل بفهمنا لها، واستيعابنا لمُخرجاتها وثمارها، سيتضح لنا المستفيد منها؛ فحتما سيكون متورطا في رعايتها.

ينمو الطفل، فيُلاحَق بأول سؤال: ماذا تريد ان تكون في المستقبل يا صغيري؟ طبعا، هو طفل لا يفكر خارج ما تسرب إلى بنيته الذهنية من محيطه وبيئته. يلج إلى مقاعد الدراسة: أريد أن أكون أستاذا، طبيبا، محاميا، مهندسا، طيارا...

يصل إلى المرحلة الإعدادية، يبدأ عقله في استيعاب المشهد بشكل أدق، ينخرط في التوجيه الدراسي، يغرق في أودية نصائح المحيطين به: اختر التكنولوجيا، العلوم.. لا مستقبل لغيرها.. فيهما كل الآفاق.. ركز على اللغة الفرنسية فهي مفتاح المفاتيح في المغرب.. اهتم بالإنجليزية فهي سيدة لغات العالم؛ ستكون محظوظا إذا أضفتها إلى رصيدك.

تبدأ كلمة "الآفاق" تتردد على ذهن التلميذ بشكل دوري. يدخل إلى عالم "الثانوي". يغرق في "التمارين" وفي "الساعات الإضافية"؛ عساه يبلغ الآفاق التي تبدأ بتحصيل شهادة باكالوريا بميزة جيدة. لا يلتقط التلميذ الأنفاس إلا في العطل، أو الأوقات التي يختلسها للذهاب إلى ملعب الكرة أو "البيار" أو مشاهدة أفلام التسلية على اليوتوب.

يحصل على شهادة باكالوريا تتيح له ما يُقرب من "الآفاق"؛ يسابق الزمن 5 سنوات أو 7 سنوات يصل إلى شهادة ضامنة لولوج "الآفاق". يمكث سنة أو سنتين؛ فيدخل حينها عالم "الآفاق" وعمره 28 سنة أو على مشارف الثلاثين.

طيلة المسار السابق، كانت الرؤية نافذة نحو أفق واحد. ينتقل هذا النموذج إلى التفكير في "الزواج" (في هذه السياق؛ لا يهمنا الخوض في التجارب العاطفية والجنسية التي قد يخوضها سابقا في الأوقات التي يختلسها بعيدا عن رتابة العمل من أجل "الآفاق"). يتزوج، ومباشرة يُنجب. ها هو يصبح أبا/أما!

هنا أعود إلى قصتي مع صديقي، لأستلهم منها الآتي وبقية عناصر المشهد. لما طرحتُ السؤال الذي يفرض نفسه على صاحبي: ما هو الهدف الذي تقصد؛ هل كنت بدون هدف طيلة 30 سنة التي سلختها من عمرك؟

كان الجواب: نعم، كنت بلا هدف. اللهم إلا هدف بلوغ "الآفاق" التي بلغتها بعد جهد جهيد. والآن، صار هدفي أن أرعى ولدي وأنفق عليه كي يبلغ "الآفاق" بدوره.

هكذا ستدور نفس الحكاية، وسيتكرر نفس المشهد. صديقي سيكرر على مسامع صغيره محفوظاته من النصائح الأبوية بالعمل على بلوغ "الآفاق". وربما ستكون الإضافة، هي أن الوالد الصديق انتزع النجاح في بلوغ "الآفاق" انتزاعا وخصص معظم وقته لذلك لان والده كان رقيق الحال. أما الصغير فسيجد الطريق إلى النجاح سالكا وبالتالي سيتضاعف وقت فراغه –بالمقارنة مع ما كان لأبيه- الذي لم تحدد له منظومة "الآفاق" ما سيفعل فيه؛ ولن يكون  الفعل سوى العبث والانتحار التدريجي (بإضاعة الوقت والصحة) والاستجابة لنداء الجسد.

هكذا سينتظر الإنسان إلى أن يبلغ  30 سنة ليكون له هدف في الحياة. ورغم كل ذلك؛ سيقول قائل: وما الخطب في هذا النموذج وهذه المنظومة، التي تحدد للإنسان هدفا واضحا (وهو تحصيل الوظيفة) وهدفا ثانيا (إلحاق الأبناء بذات المنظومة وإعانتهما على تحصيل الوظيفة)؟

بغض النظر عن أن هذه المنظومة تجسد حلقة مفرغة قاتلة ومدمرة، لأن الإنسان عصي بطبيعة تكوينه أن يبقى رهينا لهذا النمط مدى الحياة مما يرفع نسب احتمال وقوع انفجار في شخصيته وحياته (انفجار نفسي، اجتماعي، أو عقدي).

بغض النظر عن هذا الأمر، فالخطب يكمن في أن الحياة تفقد المعنى. فالحياة نضال وكفاح يستثمر المعرفة والفكر والتأمل والتجارب للاقتراب من القيم الجليلة (الحرية، العدل، الجمال، التواضع، الرحمة).

بهذه المنظومة، لن نقوم بتخريج إنسان يفكر في معركة الديمقراطية وعدالة توزيع السلطة والثروة في وطننا، ومواجهة الظلم والفساد والغش الذي نكتوي بناره على كل المستويات.

بهذه المنظومة؛ لن نجد نقوم بتخريج إنسان يفكر في مستقبل العدل على المستوى الدولي في ظل وجود العدو الصهيوني، وفي ظل التدخل السافر للدول العظمى في الحياة السياسية الداخلية للشعوب (دعما للانقلابات، وإعاقة للتجارب التنموية الصاعدة)، وفي ظل وجود دول محتكرة للقرار في مجلس الأمن.

بهذه المنظومة، لن نجد نقوم بتخريج إنسان يفكر في الإتيان بإبداع جديد أو اختراع مفيد أو كتاب منير يسهم في الارتقاء بأوضاعنا؛ اللهم إن كان سُلما للارتقاء الوظيفي (لأنه هدف هذا الإنسان الأوحد: هو الوظيفة وتقريب أبنائه منها).

بهذه المنظومة، لن نقوم بتخريج إنسان يفكر في معاني استخلاف الإنسان على الأرض، أو يجدد التفكير في الجرح الوجودي الذي يلاحقه، أو يعيد التساؤل بشكل دائم عن اتصاله بالله جل في عُلاه والموت وما بعده من رحلة.

إن بهذه المنظومة ماتت بعض الحركات الاجتماعية المكافحة، وبها تحتضر الحركة الاجتماعية التي ظلت صامدة إلى فترة قريبة. إن بهذه المنظومة، توسعت الكتلة الطلابية الصامتة ويعاني أبناء العمل الطلابي الجاد معاناة حقيقية.
إنها المنظومة التي تدمرنا في صمت، في غفلة منا.

  
...تابع القراءة