| 0 التعليقات ]




لا ينكر الدور الكبير الذي قامت به الحركة الأمازيغية في المغرب إلا جاحد. فهي كحركة اجتماعية ذات بعد ثقافي، أسهمت إلى جانب حركات اجتماعية أخرى، في كتابة تاريخ مغرب ما بعد السبعينيات. و من الإنصاف، بصدق،  أن يُنعت قيدومها الأستاذ ابراهيم أخياط – شافاه الله و أطال عمره - بأحد أعلام المغرب المعاصر. 
الحركة الأمازيغية هي التي أعادت الحياة ل"الأمازيغية" ( قضية، إنسانا، لسانا، أدبا ..).
هي التي خلقت دينامية جديدة في المشهد الثقافي المغربي و أثارت أسئلة جديدة، أحرجت مجموعة من الفاعلين و المثقفين؛ حاول بعضهم التفاعل الإيجابي معها: تحدُث الدكتور المهدي المنجرة عن الأمازيغية و دعوته إلى العناية باللغة الأم منذ 1976 و اعتباره أن من باب الحرام منع الطفل من التواصل بلغة كان يسمعها في بطن أمه. الدكتور محمد جسوس أبدى مواقف أيجابية في إحدى ندوات دورات جمعية الجامعة الصيفية أواخر الثمانينات..
الحركة الأمازيغية أسهمت في خلق حس المواطنة لدى فئة من المواطنين: محاربة الأمية و تنمية الوعي في صفوف التجار في بداياتها. كما أنها التفتت بشكل جدي للمسألة الاجتماعية  في أبرز محطاتها؛ على سبيل المثال تأسيس جمعية الجامعة الصيفية جاء بعد ذهاب الأستاذ ابراهيم أخياط في صيف 1979 رفقة أسرته الصغيرة لمدينة أكادير قصد قضاء العطلة الصيفية هناك، و تأثره بالوضعية المزرية التي تسم المدينة و ما أصاب شبابها من ضياع..
الحركة الأمازيغية هي التي لها الفضل الأكبر في إقرار الحماية الدستورية للأمازيغية باعتبارها لغة رسمية في دستور 2011..  
الحركة الثقافية الأمازيغية هي إحدى المكونات الطلابية القليلة التي مازالت، نسبيا، تثير النقاش الفكري الجاد في رحاب الجامعة المغربية حول أسئلة الهوية و الثقافة و اللغة..
هذه حسنات الحركة الامازيغية التي لن تُخرم  بإساءات بعض المنتفعين من القضية الأمازيغية، أدعياء النضال من أجلها و المرتزقين حقيقة من الوهج الذي حظيت به في العُشرية الأخيرة.

لكن رغم هذه الإنجازات غير المنكورة للحركة الأمازيغية، هناك مشكل عويض تعاني منه القضية. فالحماية الدستورية و انتشار الكتابات عن الأمازيغية و أدبها و شعرها مكتسبات مهمة غير أن نسب التواصل باللغة الأمازيغية أكيد في تراجع و الواقع خير شاهد على ذلك. و بالتالي فشبح الانقراض مازال يهدد اللغة الأمازيغية. و إذا استمرت الأمور على هذه الحال، فلا قدر الله ستتحول الأمازيغية – مستقبلا – إلى لغة تراثية؛ تكون في خبر كان: و يتحدثُ آنذاك عن أدب مضى و شعر ولى يعبر عن تطلعات إنسان بلغة في عداد المنقرضين !
لا نتمنى ذلك، للغتنا الأم التي عاشت سنينا طوال و تعد بحق – كسائر الألسنة و اللغات – آية من آيات الله.   
مناسبة هذا الحديث؛ الامتعاض الذي يحس به – كاتب هذه السطور  – من قلة المتحدثين بالأمازيغية في العاصمة (الرباط)  بعدما جاء إليها لإتمام دراسته الجامعية قادما من مدينة تيزنيت. لدرجة أن أحد أصدقائه الذي ينحدر من ذات المدينة، و الذي يدرس في غير المؤسسة التي يتابع دراسته بها، عبر لأحدهم قائلا: ألتقي بصديقي (أيوب) لأتحدث معه بلغتي التي كدتُ أن أنساها من فرط عدم استعمالها في أوساط طلبة المؤسسة التي أدرس بها !

...تابع القراءة

| 0 التعليقات ]














تنزيلا لما آمنت به منذ اليوم الاول أصدرت هيئة تحرير مجلة الصحوة العدد الرابع . و يضم العدد مجموعة من المحتويات التي تواصل المسيرة و الرسالة التي اعتنقتها و ناضلت من اجل شيوعها ..منذ ولادة الفكرة.
و تجدر الاشارة الى أن دورية الصحوة واجهة اعلامية لعمل ثقافي يروم صحوة راشدة في الساحة التلمذية تعيد طرح سؤال هوية التلميذ المغربي و تعمل على خلخلة وعيه و نفض الغبار عن الركام الذي علق بفكره.
و يحوي هذا العدد باقة من المواد التي تستحث همم التلاميذ نحو القمم، منها : التلميذ بين الوعي و النسيان، التلاميذ و السياسة ، لا للغش ، تطورات القضية الفلسطينية في ظل الربيع الديبمقراطي ، الى متى سنظل في بلد " باك صاحبي" ـ علاوة على حوار مع احد الطلبة القدماء النشطاء سابقا بثانوية الحسن الثاني في مدينة تيزنيت.


للتواصل مع إدارة المجلة:  mag.sahwa@gmail.com
...تابع القراءة

| 0 التعليقات ]


أكيد أن المطلع على اللجنة الجديدة لإصلاح منظومة التعليم  ( المتمثلة في المجلس الأعلى للتربية و التكوين و البحث العلمي )  سيتأكد من جديد أن مذبحة منظومتنا مستمرة إلى أن يرحمنا رب العالمين.

أولا؛ قد ينخدع المستمع و المشاهد لوسائل الإعلام الرسمي من إعلانها لأسماء الأعضاء و مهامهم أنها تحوي كل أطياف الشعب و أنها تغطي كل القطاعات. و الحال أن اللون الطاغي هو لون البام .. هو لون المتنفذين الذين جاؤوا من غُرف مكيفة ليُناقشوا شؤون الطالب و التلميذ.

ثانيا؛ المرجعية الفكرية المؤطرة لغالبية الأعضاء هي يسارية بالأساس، كأن أغلب المغاربة يدينون بما يدين به اليسار! بل ليسوا حتى من اليسار الذي وُلد  في أحضانه مناضلين كبار تُميزهم الغيرة الوطنية و الولاء للأمة و العداء للاستعمار و التكوين المتين. بل هم
 من اليسار المتهالك الذي صار متنفذا يُراكم الثروات.

ثالثا؛ من المعلوم أن الإصلاح الحقيقي للتعليم يجب أن يكون مبتدؤه و خبره هو : أي تلميذ نريد ؟  و أي مجتمع نريد بعد عشر سنين؟ لكن و الحال أن الخلفية الثاوية وراء تحليلات غالبية أعضاء اللجنة هي خلفية يسارية مادية. فلا حديث عندئذ إلا عن شح التجهيزات و قلة الطباشير و خصاص الأساتذة و المعلمين و ضرورة استعمال " الطابليت" ( اللوحة الالكترونية ) و لا مكان لمناقشة الأسئلة الكبرى و مُدارسة النماذج الثقافية التي نطمح أن يتمثلها مجتمعنا في الغد القريب.

رابعا؛ سُعداء بضَم تلاميذ للجنة بقدر ما  آسفون على منهجية الاختيار: فأي معيار استحق هؤلاء به أن يُمثلوا التلاميذ ؟
كما أننا نتأسف على اختيار جُل التلاميذ من شعبة العلوم الرياضية و التقنية*، كأن هؤلاء هم الأقدر على النقاش و اقتراح البدائل و الأفكار. و هذا لَعمري من أكبر الشائعات غلطا، إن تلميذ شعبة العلوم الرياضية و التقنية تلميذ آلة**؛ أي تلميذ يتعامل بكفاءة عالية مع الأرقام، نعم، مع المبرهنات، نعم، مع القوانين الفيزيائية، نعم.. لكن مع الأفكار و النماذج الثقافية و الحضارية، لا و ألفُ لا..

حاصل الكلام، أن الحاجة من جديد إلى صوت جامع لتلاميذ بمغربنا الحبيب، حاجة مُلحة، لا مفر لنا - كتلاميذ نروم الإصلاح و التغيير- أن نُؤسس لحركة تلمذية مغربية قوية تُبلور ( و تدافع عن ) نموذج التلميذ  المنشود و تُعمق الدراسة في السبل إليه و تتعالى عن الواقع الرديء الموجود و نقاش ترقيعات الإصلاح المزعوم.


 * بالمناسبة كاتب هذه السطور خريج المدرسة المغربية شعبة العلوم الرياضية بثانوية تقنية ..
**  لكن وجب التذكير أن هناك استثناءات لكن الطابع العام يُشكله نموذج التلميذ الآلة.     
...تابع القراءة

| 0 التعليقات ]

توفي الأستاذ محمد قطب، صباح يوم الجمعة 04 جمادى الثانية 1435 الموافق ل04 أبريل 2014 بمستشفى المركز الطبي الدولي في مدينة جدة بالسعودية، عن عمر يناهز 95 عاما. 
قرأت الخبر في الشريط ( الملَخص للأنباء المتواترة و الأخبار المستجدة ) الذي يَمر بقناة الأقصى الفضائية. تذكرت الأستاذ محمدا و ما يمثله لأجيال ممتدة في الحركة الإسلامية في الوطن العربي . 
في كل مناسبة تُيسر لي أن نعيد الحديث عن الأستاذ محمد قطب و إلماعاته خصوصا في علم النفس الإسلامي إلا و سارعتُ بالدعاء له بأن يطيل الله عمره. و كنت أتمنى أن تسنح لي الفرصة بزيارته في مكة المكرمة. 
للأستاذ محمد كبير الأثر في تكويني الفكري و العقائدي، فقد قرأتُ له فصل " الإسلام و الرجعية " في كتاب : " شبهات حول الإسلام "، في السنة الثالثة إعدادي ، في محاولة  مني للدفاع عن النفس و تحصينها مما قد يلحق بها من الاضطراب النفسي بسبب النعوت التي تسمُنا ب"الماضوية" و "الرجعية" و "بالعامية: مْعْقْد...".  كما قرأث له كتاب " الإنسان بين المادية و الإسلام"، الذي يمثل الخميرة الأولى لبواكير تأملاته في النفس الإنسانية و التصور القرآني لها، في السنة الثالثة إعدادي. قراءة الكتاب و تلخيص أفكاره و عرضها أمام إخواني شكل مرحلة فاصلة في تكويني الفكري. التحول الجوهري الذي أثاره في نوازع نفسي هذا الكتاب تمثل في إثارته في نفسي سؤال نظرة  الإسلام للكون و الإنسان و الحياة: انتقل بي الكتاب من فهم الإسلام على كونه مجرد إرشادات فيها " افعل، لا تفعل " إلى اعتباره رؤية و منهج شامل للحياة تتجاوز ضيق النظرة المسيحية المتزمتة و الرؤية المادية المعتسفة مما زادني تمسكا بالإسلام كإطار للفكر و الحياة. علاوة على هذا، شَكل لي الكتاب الأول الذي كتبه أستاذنا محمد قطب ( الإنسان بين المادية و الإسلام ) المحطة الأولى  نحو الاهتمام بالقضية الفكرية و الاشتغال بالأسئلة المنهجية الكبرى  ( التي تتناول : الإنسان، الإيمان، الحياة ، الكون ، الدار الآخرة ). 
كتابه الموسوم ب" معركة التقاليد" - على صغر حجمه - أفادني كثيرا في استيعاب مشروع الدكتور عبد الوهاب المسيري فيما بعد، فالفكرة التي يروج لها الأستاذ محمد في الكتاب مفادها أن المعركة المحتدمة  الحامية الوطيس في العالم هي بين أنصار الإنسان- الإنسان و دعاة الإنسان-الحيوان ( و الجسد الشهوان = أتباع الداروينية و الفرويدية ). هي ذات الفكرة التي طورها الدكتور عبد الوهاب المسيري بنَفَس آخر و بمقدرة تحليلية و تفسيرية عالية في مشروعه الفكري الذي يدافع عن الإنسان/ الإنسان ( = الإنسان الرباني ) ضد الإنسان الطبيعي ( = المادي ).
الأستاذ محمد قطب يصغر أخاه الشهيد سيد  ب13 سنة، فهو تلميذه. تخصصه في علم النفس و تزوده من الأدوات التحليلية التي يستعملها سيد في التعامل مع النص القرآني مَكناه من استجلاء دُرر القرآن المرتبطة بموضوع  النفس الإنسانية و تقابلاتها و تأرجحاتها.
رحم الله الأستاذ الكبير، معلم الجيل ، محمد قطب على ما قدمه للمكتبة الإسلامية و للصحوة الإسلامية من جليل الخدمات. فالأستاذ محمد قطب و الشهيد سيد قطب و الأستاذ مالك بن نبي و الدكتور عبد الوهاب المسيري و الشيخ عبد السلام ياسين و الشيخ راشد الغنوشي و الدكتور أحمد الريسوني و الدكتور يوسف القرضاوي و الشيخ محمد الغزالي  و الفيلسوف المسلم طه عبد الرحمان و الفيلسوف الراحل روجي غارودي و غيرهم ؛ رغم المسافة التي تظهر بين مشاريعهم و عطاءاتهم و إسهاماتهم و تفاوت عمق و متانة طروحاتهم إلا أنهم يمثلون لي جميعا بُناة لمعمار فريد يشكل الفكر الإسلامي المعاصر عرف خدوشا و عرف إصلاحات كلها قامت في سبيل شحذ العقل المسلم المعاصر و يقظته. إنهم ينتصرون جميعا ، في نهاية المطاف،  للإنسان الخليفة ( الذي هو قبس من روح الله جل في علاه ) ضدا على نماذج الإنسان الحيوان و الإنسان المادي و الإنسان الآلة التي يُراد لها قسرا الانتشار في عالم اليوم.   
...تابع القراءة

| 0 التعليقات ]





لا يرتاب اثنان في كون الخوض في " كيف ؟" بصفة عامة من الأمور العسيرة. و حيث أن " كيف" هنا موضوعها " الدعوة" فالأمر يتعسر  أكثر و يعتاص و لكون المدعو هنا هو " التلميذ " فالصعوبة تزداد أكثر فأكثر ..
خاضت كتابات كثيرة في " كيف ندعو الناس ؟" بصفة عامة ، لكن شحيحة هي الأبحاث و الدراسات التي تتناول سؤال" الكيف" في أوساط التلاميذ . سؤال الكيف يبقى السؤال المؤرق لكل متحسر و متأسف على واقع التلميذ الأليم ، بدءً بالأساتذة و المربين وصولا إلى التلاميذ المهتمين بانتشال إخوانهم من  وهدة  الميوعة و التمييع ، و يرتبط هذا السؤال بموضوعات أخرى منها : من أين نبدأ ؟ ما مواضيع الدعوة الضروري ترسيخها في نفوس المدعوين  ؟ ما هي آليات الدعوة في المجتمع التلمذي؟ ما الوسيلة الأرشد : هل الدعوة الفردية أم الدعوة العامة ؟ من هم الدعاة ، هل هم أساتذة أم تلاميذ ؟
في نقاش مع مجموعة من التلاميذ في إطار  نشاط  تربوي بالثانوية حول "مشكلات الشباب" ، ألح بعض التلاميذ على نفس السؤال : " كيف نُوَعي ؟ ". و بتعبير آخر، ذكر أحد المتدخلين أن الكل يجيد تشخيص الواقع و وصف حالة التردي التي يتسم بها ، لكن ما هو البديل ؟ ما هو الحل لتجاوز هذا الواقع  ؟ ". و في مشهد آخر، كلما عزم أحد الإخوة من التلاميذ على بدء نشاطه الدعوي و الانخراط  في سلك الإصلاح في أوساط زملائه يصطدم بعدم الاستجابة أو السخرية أو  كونه صوتا نشازا .. يستسلم و يستحيل مرة أخرى تلميذا عاديا يخوض معتركه اليومي (  واجباته المنزلية و الفروض المستمرة ...) فتخسر الدعوة الإسلامية  جنديا من جنودها  . كل هذه المشاهد و غيرها دفعتني إلى التفكير في هذا السؤال : " كيف ندعو التلاميذ ؟" .
حينما بدأنا  الدعوة إلى الله تعالى في صفوف التلاميذ – أنا و مجموعة من الإخوة -  قبل حوالي ثلاث سنوات ، اتسمت تلك لمرحلة بنوع من الاندفاعية و " الغوغائية" و الفظاظة ؛ بحيث كنت أرفض الحديث نهائيا مع التلميذات و الأنكى من ذلك أنه كلما حاولت إحدى الزميلات أن تشير لي بخطأ إملائي أو معرفي كتبته  في السبورة لا ألتفت لما تقول.  و أثناء تحضيرنا لعرض حول حول " المرأة في الإسلام "  طلبنا من التلميذات في القسم المحاور التي يريدونها أن تكون مطروحة للنقاش فوجئنا بورقة مكتوب عليها :" لماذا إذا خاطبناكم تدَعوننا  كالسراب ؟! " ، كل هذا تحت مسميات الخوف من الفتنة . و أرُد  هذه السلوكات  الناشزة إلى  ضحالة الزاد الشرعي و الفكري و الاغترار بالتفوق الدراسي و عدم استيعاب المقاصد السامية للعمل الدعوي و عدم الاستنارة بالهدي النبوي ( إن الله لم يبعثني معنِّتاً ولا متعنتاً ، ولكن بعثني معلماً ميسراً  ) و عدم الاحتكاك بالواقع و مخالطة دنيا الناس .
أولا/ الدعوة بالقدوة :
إن التلميذ الداعية  لن تنجح دعوته وسط أقرانه إلا إذا كانت دعوة "بالحال" أساسا  ثم بإمكانه إن يدعمها " بالأقوال"، فمجموعة من الأمور التي يدعو إليها المدعوين ( من زملائه التلاميذ ) من الصعب أن يتقبلوها إن لم يروها رأي عينهم في أخيهم و نظيرهم الداعية ، أضف إلى ذلك أنهم سيعتبرون الالتزام بما يدعو إليه مؤجلا إلى سنوات لاحقة ( حتى تمر مرحلة المراهقة عملا بمقولة زائفة : " تْكبرْ أُو تْنْسى !" ) .
1/ الالتزام :
إن أول خطوة في الدعوة بالحال هي ما يصطلح عليه"حركيا" بالالتزام، و هو اسم جامع يشمل اتقاء لحدود الله تبارك و تعالى و نواهيه و طاعة  أوامره و الاعتصام بما جاء في كتابه، فلا بد لمن يسعى بحق لأن يكون " تلميذا داعية" أن يلتزم أولا ليدعو غيره من التلاميذ إلى الالتزام و هو المقصود الأول من الدعوة .
2/ التفوق ( أو السعي إلى التفوق ):
إن الدعوة بالقدوة تستوجب أن يكون " التلميذ الداعية" متفوقا دراسيا ( أو ساعيا إلى التفوق فليس كل الناس متساوين في مداركهم العقلية و مستوياتهم الاستيعابية ) ، طالبا مجتهدا ، عالي الهمة في تحصيل الدرجات العُلى  و حاضرا في ميادين المنافسة على الرتب الأولى . هذا التفوق الدراسي ، أولا استجابة لأمر الله تعالى الذي يحب معالي الأمور كما جاء في الحديث النبوي الشريف : [ إن الله يحب معالي الأمور و يكره سفسافها ] ، ثانيا يعطي صورة مُشرقة عن التلميذ الداعية  و عن المتدين و عن التدين بصفة عامة ، ثالثا يجعل لصاحبه مكانة مُحترمة و صوتا مسموعا في الفصل الدراسي و المؤسسة التعليمية مما يهيئ له مناخا ملائما و خصبا لترويج الرسالة الدعوية و الخطاب الدعوي .
3/ دماثة الخلق :
كما أن دماثة الخلق و المعاملة الحسنة  مع الزملاء التلاميذ بمثابة رسائل دعوية قد يفوق تأثيرها الدعوة بالكلمة و الموعظة . فضلا عن أنها مما يُتوسل به لبلوغ كمالات الإيمان و يعطي صورة حضارية مشرقة للتلاميذ المتدينين أمام الجهاز التربوي للمؤسسات التعليمية  و باقي التلاميذ.
المعاملة الحسنة مع الزملاء بمعنى لين الجانب في التعامل معهم و خفض الجناح لهم و رحابة الصدر في تقبل عثراتهم ؛ فالتلميذ مثلا الذي لا يصلي و يُزَامل التلميذ الداعية في الفصل الدراسي ، لا ينبغي له أن يعامله بفظاظة و تَكَبُر لأنه لا يصلي بل عليه أن يدعوه برفق و حكمة [ كأن يتركه على سبيل المثال ينتظر أمام مسجد المؤسسة ( لتأدية صلاة العصر ) فيحس بالخجل من تلقاء نفسه و الندم على فعلته فيعود تائبا إلى ربه ].و قس على ذلك التعامل مع التلميذة التي لا ترتدي الزي الإسلامي أو التلميذ الذي يغش في الامتحان أو الذي يتلفظ بفحش الكلام.
و من دماثة الخلق كذلك ، مساعدة التلاميذ على فهم دروسهم و مد العون لهم و تنفيس كُربهم و عيادتهم عند المرض فذلك مما يكسب به التلميذ الداعية قلوب مَدْعُويه  حتى قبل أن يتلفَظ بنصيحة أو رسالة دعوية. علاوة على بعض الأنشطة مثل تشجير المؤسسة و القيام بحملات النظافة فيها و تبني قضايا التلاميذ المظلومين .

ثانيا/ موضوعات الدعوة بالمقال في الوسط التلمذي :

هذه الموضوعات يمكن إثارتها بشكل فردي مع التلاميذ من خلال النقاش و المُصاحبة ( أي ما يسمى بالدعوة الفردية). لكن، لا بد للتلميذ الداعية أن يكون نشيطا سواء في الفصل أو المؤسسة بالمشاركة الفاعلة في النقاشات المُثارة بالدفاع عن الطرح الإسلامي و الإنساني لها ( و لن يتأتى له ذلك إلا إذا كان يقرأ و يطالع ، من هنا تكمن أهمية القراءة ) و أهمية البعد الأخلاقي فيها سواء من خلال مداخلاته أو مساهماته ( العروض، كتابات في المجلة الحائطية ). فالإسلام لا يقبل مسلما ينكفئ على خُويصة نفسه لا يخالط الناس بدعوى أنهم غير ملتزمين بل يطلب مسلما مؤثرا لا متأثرا و فاعلا لا منفعلا. و من خلال هذه المداخلات و المساهمات يمكن التأكيد على هذه الموضوعات مما يزيدها رسوخا في أذهان التلاميذ الذين سمعوا بها من قبل من التلميذ الداعية عبر الاتصال الفردي.مع التأكيد دائما على أن الدعوة الفردية هي الأصل ، و من الموضوعات التي أراها – و الله أعلم – أولى بالاهتمام :
1/ قضية الألوهية :
أول موضوع يجب أن تنصب جهود الدعوة لتوضيحه و ترسيخه في المجتمع التلمذي هو " الألوهية" . فاستقرار حقيقة " لا إله إلا الله" في النفوس : الإنسان الذي أقر بها سَلَمَ تسليما مطلقا لله تعالى بالطاعة المطلقة و أنه عبد لله تعالى لا لأحد سواهُ سواء كانت نفسُه التي تطاوعه و هواها أو شهواته أو المال أو الجاه أو أحد من الخلق. إنه بذلك الإقرار أعلن نفسه حرا من كل العبوديات إلا عبودية خالقه الرحمان جل سبحانه و تعَالْ.و بتَمَثُل الشباب لهذه الحقيقة الكبرى يتحرر من ربقة العبودية لشهوة الجنس أو المال أو المخدرات لأنه فَهِمَ فَهْمًا يقينا أنه عبد لله و ليس لأحد من هؤلاء.
2/ الدار الأخرة:
الدنيا ممر و ليست مستقر، الإنسان عابر سبيل في هذه الدنيا، الحياة الحقيقية هي الدار الأخرى التي فيها الجزاء الأوفى، الدنيا اختبار لمدى استجابة الإنسان للمنوط به : عبادة الله تعالى بمفهومها الشامل باعتباره خليفة للواحد الأحد .هذه الحقائق كلها يجب أن تكون من أولى الموضوعات التي يتصدى لها  "التلميذ الداعية " في أنشطته الدعوية سواء الفردية أو العامة.
3/ الإسلام منهج حياة :
الإسلام ليس حقيقة أُنزلت لتقبع في حنايا الضمائر و خفايا القلوب و إنما لتتحول لمنهج حياة . الدعوة في المجتمع التلمذي ينبغي لها أن تعمل على تصحيح مجموعة من المفاهيم المرتبطة بحقيقة الإسلام و الأفكار المغلوطة عنه التي تُلخصه في الشعائر فقط أو تعتبر أن الإيمان يكتفي بمكانه في القلوب  أو تقول إن العمل به ( أي الإسلام )  لا يتعدى أسوار المساجد.
4/ الشباب و مسؤولية المرحلة :
 في هذا الموضوع ينبغي ربط الشاب أولا بهويته الحضارية و استنهاض همته من أجل الذود عن بيضتها و النهوض بأعبائها و تكاليفها ، و ربطه بالجيل القرآني الفريد و الفتية الذين لا تتجاوز أعمارهم 13 و 14 سنة و يتسابقون إلى الرسول صلى الله عيه و سلم لعله يقبل مشاركتهم في الغزوات ( أسامة بن زيد نموذجا) . و من ثَم يعرف أنه امتداد لهذا الجيل القرآني و أنه حفيد أولئك الفتية التي آمنت بربها و اهتدت  و أن مرحلة الشباب ليست كما يزعمون مرحلة مراهقة و جنس و موسيقى صاخبة ، بل مرحلة تحمل مسؤولية البلاغ المبين على هدي النبي الأمين إلى الناس أجمعين  بالعودة إلى هذا الدين للنجاة من السعير و بلوغ مقامات عليين عند رب العالمين.
5/ هموم الأمة الإسلامية :
لا بد للدعوة في المجتمع التلمذي أن تحسس التلميذ المسلم بأنه عضو حي من أعضاء الأمة الإسلامية : يجب عليه أن يهتم بأمرها و أمر إخوانه المسلمين في كل مكان ، و من ذلك أن يُحصن نفسه أولا ضد الغزو الفكري و التطبيع الثقافي ( المتجلي في : اللباس ، الذوق ..) مع أعدائها و خصوصا - حاليا - العدو الصهيوني كي لا يوفر خدمة مجانية لهم ثم يجتهد في دراسته و يكد لينفع أمته بإبداع جديد و تطوير ما هو قديم من كل عُدة يعتد بها في عصرنا هذا .
6/ المستقبل لهذا الدين :
نظرا لانتشار ثقافة الانهزام و الاستسلام و وقائع تزيد من التيئيس من إمكانية النهوض من جديد لهذه الأمة بعد نوم عميق مازالت تغط فيه – و لعل الربيع الديمقراطي دليل على أنها بدأت تفرك عينيها من آثاره  -  و كون فئة التلاميذ بالخصوص إذا بدأت حياتها على أفكار اليأس و القنوط سترسُم صورة قاتمة لمستقبل الأمة . لكل هذا، وجب الاهتمام بموضوع " المستقبل لهذا الدين" لكن ليس بطرح تواكلي بل بطَرْح يُلفت النظر إلى دور السنن الكونية و الشرعية في هذا الأمر . مصداقا لقوله تعالى : " و إن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم ". و يبرز أهمية مجموعة من المفاهيم في البناء لهذا المستقبل كالفعالية و الريادة و الإيجابية .
...تابع القراءة

| 0 التعليقات ]

بعد صدور العدد الأول بيوليوز 2012 و العدد الثاني بأبريل 2013، و بعد جهد جهيد و انتظار طويل، أصدر نادي الشباب بجمعية الآفاق الثقافية بتيزنيت العدد الثالث من مجلة الصحوة التلمذية. و يضم هذا العدد مجموعة من المقالات التي تعالج أسئلة الإصلاح و النجاح و الريادة في الساحة التلمذية ( نصائح للنجاح، شخصية التلميذ المعاصر، عن القيادة و سمات الريادة فيها ...) كما تتناول عدة مواضيع تهدف  إلى تنمية الوعي بالانتماء و القضية.
و قد تميز العدد الأخير من " الصحوة" باستضافة إطار تربوي مخضرم هو الدكتور أحمد السيحي مدير المركب التربوي "القلم" بأكادير.
و مما ما جاء في افتتاحية العدد: " إن المواد التي تقدمها المجلة – على تواضعها – لا تتناول تفاصيل الأخلاق و لا جزئيات الأمور التي ترتبط بالصحوة التي نطمح إليها و لا تسرد المعارف العلمية التي يُفترض أن نضطلع بها بعد مرحلة الصحوة، نقصد عصر النهضة. و إنما تضع الأصبع على مكامن الخلل و آفات الطريق المعيقة للصحوة و النهوض، علاوة على فتحها لآفاق التلميذ المغربي نحو الالتحام بقضايا الأمة و همومها؛ إذ يمثل الانشغال بالقضية و معانقة أسئلة المصير خطوة أولى على الطريق."
جدير بالذكر، أن أسرة تحرير المجلة تتوزع على ثانويات و إعداديات مدينة تيزنيت .

بريد المجلة : mag.sahwa@gmail.com
...تابع القراءة