| 0 التعليقات ]


بسم الله الرحمان الرحيم


خاضت  كتابات كثيرة في موضوع " مشكلات الشباب" من أهمها:   الشباب  العربي و مشكلاته للدكتور عزت حجازي  ، مشكلات الشباب الحلول المطروحة.. و الحل الإسلامي  .من منشورات كتاب الأمة للدكتور عباس محجوب ، مشاكل الشباب في العلم الإسلامي  للدكتور عبد العزيز الغازي ، الإسلام و مشكلات الشباب للدكتور سعيد رمضان  البوطي ( منشور سنة 1977 ) ... بعد اطلاعي على هذه الكتابات و غيرها ، و هي للإشارة مكتوبة من طرف من تجاوزوا مرحلة الشباب بكثير أو قليل ، تبين لي أن المشاكل التي تعرضها هذه الكتابات بطريقة غير واضحة و الحلول كذلك غير ملموسة لاتسامها بانتتظار قيام  الأسرة و المدرسة .. بالأدوار المنوطة بها  و بالتالي لا تُعطي إجابة مباشرة و واقعية للأسئلة الملحة للشباب . مع التقدير دائما للمجهود المبذول فيها. من هنا ، أتمنى أن لا أكون قد سقطت في نفس الإشكال و أن لا أتحدث بمنطق الأستاذية و المشيخة .

تمهيد :
مما يجب التنبيه عليه بداية، أن هذا المقال للشباب مباشرة و يتصدى لما يمكن للشباب أن يقوم به بنفسه لمعالجة مشاكله و لا يخاطب المجتمع أو الأسرة ليقوما بدورهما في العلاج على الرغم من أهميته لأنه يسعى لوضع إجابات عملية للشباب لا تنتظر الدور المجتمعي أو الأسري أو المدرسي حتى يقوم. 

1/الشباب : أهمية المرحلة :
يستعمل مفهوم شباب (ج.شاب) أو بالغ أو مراهق للدلالة على نفس المدلول. فحين نقول فلان شاب أو بالغ مراهق فهذا يعني أنه وصل إلى فترة عمر تقوده من نهاية الطفولة إلى بداية سن الرشد. والبلوغ يرتكز على المظهر الحيوي للمراهق وعلى الخصوص ظهور علامات نضج الجسد والعقل .و الشباب هو المظهر الاجتماعي للمراهقة.(1)
مرحلة الشباب من أخطر المراحل و أهمها . بل هي مرحلة الحيوية والإنتاج. المرحلة الدافقة بالحماس والعزم . الحافلة بالنشاط . إنها مرحلة القوة بين ضعفين : ضعف الطفولة و ضعف الشيخوخة .(2)  في الحقيقة إن الشباب هو سن الهمم المتوثبة والدماء الفائرة . و الآمال العريضة... سن العطاء والبذل والغداء.. سن التلقي والتأثر والانفعال ..(3)
ومن هنا كانت أهمية المرحلة . وأهمية توجيهها والعناية بها حتى لا تضل الطريق أو حتى لا تتبدد هذه الثروة والتي هي أغلى الثروات وأعزها.(4)
ومن هنا كذلك . كان سن الشباب في منطق الإسلام ذا مسؤولية وقيمة خاصة لطالما حرص الرسول على إشعار الشباب بها منها قوله صلى الله عليه وسلم : (اغتنم خمسا قبل خمس : شبابك قبل هرمك . وصحتك قبل سقمك . وغناك قبل فقرك و حياتك قبل موتك ) و قوله كذلك : (  لا تزول قدَمَا عَبْد يَومَ الْقِيَامَةِ حَتّى يُسْأَل عَن أَرْبَعِ خِصَالٍ : عَنْ عمُره ، فِيمَ أَفناه ؟ وعَنْ شَبَابِهِ ، فِيمَ أَبْلاهُ ؟ وَعَنْ مَاله ، مِنْ أيْنَ اكتَسَبه ؟ وَفيمَ أَنْفَقَهُ ؟ وَعَن عِلْمه ، مَاذا عَمِل فيه ؟ موتك . وفراغك قبل شغلك ).  
مرحلة الشباب تكمن أهميتها القصوى كذلك في كونها مرحلة تحمل الأعباء و التكاليف الشرعية والاجتماعية. إنها المرحلة التي إذا قضاها الشاب في طاعة الله عز وجل ( الصلاة، بر الوالدين، غض البصر، الحجاب، الحياء، الاجتهاد في الدراسة و تحصيل العلم...) فاز بالاستظلال بعرش الله تعالى يوم تلفح الشمس الحارقة الوجوه والأجسام و لا وجود لظل إلا ظله تعالى. مصداقا لقول المصطفى صلى الله عليه و سلم : ( سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله : إمام عادل و شاب نشأ في عبادة الله و رجل قلبه معلق بالمساجد و رجلان تحابا في الله اجتمعا عليه و تفرقا عليه و رجل دَعَتْه امرأة ذات منصب و جمال فقال إني أخاف و رجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تُنفق يمينه و رجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه .)


الهوامش و المراجع:

(1) مشاكل الشباب في العالم الإسلامي للدكتور عبد العزيز غازي .ص: 13 .
(2) خطبة "حال شبابنا اليوم" . خطب معاصرة للدكتور يوسف القرضاوي .
 (3) "الشباب و التغيير " لفتحي يكن .
 (4) خطبة "حال شبابنا اليوم" . خطب معاصرة للدكتور يوسف القرضاوي .
                                                                                                                                  يتبع...

...تابع القراءة

| 2 التعليقات ]








بسم الله الرحمن الرحيم
أكيد أن العديد من الزوار الأوفياء سيتساءلون عن هذا الانقطاع الطويل عن الكتابة و التدوين و عن أسبابه ، خصوصا أن كانت البداية بحماس شديد ( التدوين أسبوعيا في فترة سابقة) .
تداخلت عدة عوامل سببت في هذا الانقطاع ( حوالي ثلاثة أشهر) من أهمها :
- 1/ التفكير في تغيير خط الكتابة؛ لاحظت بعد قراءات مستفيضة في العطلة الصيفية ان الطابع الغالب على ما أكتب هو الخاطرة ثم تطويرها و إنضاجها إلى مقال فكري ( إن صح إدخاله في مجال الفكر) أو قراءات/تأملات على هامش أحداث في الوطن ، في المدينة (تيزنيت) أو في ربوع الأمة.. و لذلك انتبهت إلى أن كتابة مقال فكري في المستوى يتطلب جهد جهيد و قراءات عميقة في الفكر ليكون المكتوب متماسكا و يستحق القراءة لذلك تراجعت عن العديد من مشاريع المقالات التي بدأتها أذكر منها : " هل غدت اليمقراطية طريقا إلى الحل الإسلامي ؟" . " الحرية و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر في الإسلام" .و قد أتممها إن يسر الله تعالى ذلك. هذا عن أول الأسباب.

- 2/ الوقت ، هذه السنة الأولى باكالوريا علوم رياضية تتطلب مني أن أولي اهتماما كبيرا بالدراسة لأنها تحتاج إلى ذلك .
- 3/ القراءة، بعد قراءتي لما حققت السنة الماضية لاحظت بأني كنت أعيش في أوهام الفكر و المعرفة. لذلك معظم وقت الفراغ هذه السنة  أقضيه في المطالعة و القراءة خصوصا المشاريع الفكرية الإسلامية  مع التنبيه أن السنة الفارطة كنت أطالع لكن العطاء كان أكثر من الأخذ.
- 4/ الجانب التقني ، تغير لوحة بلوكر أخر كتابتي لهذه التدوينة على الأقل أكثر من ثلاثة أسابيع .

و أخيرا، نسأل الله عزوجل أن يوفقنا لإتمام المسيرة و أن يجعل ذلك خالصا لوجهه الكريم.

...تابع القراءة

| 1 التعليقات ]


7/ سمات التغيير المنشود :


انطلاقا من قول الحق تبارك و تعالى  " إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ". يتبين أن التغيير – أو أي تغيير بصفة عامة  - أو الإصلاح الثقافي المنشود في الوسط المدرسي يخضع لمجموعة من السنن الكونية يجب أن تأخذ بعين الاعتبار – لأن السنة الكونية لا تحابي أحدا : المسلم أو الكافر - .و قد فصل في هذا الموضوع الأستاذ جودت السعيد في كتابه " حتى يغيروا ما بأنفسهم " .و ذكر فيه أن التغيير المذكور في الآية الكريمة هو سنة مجتمع لا سنة فرد ( ما بأنفسهم ) و بالتالي فإننا إن كنا  ننشد تغييرا لدى التلاميذ فإنه لا بد أن يغير المجتمع التلمذي ككل الفلسفة التي يسير وفقها في مضى (  و ليس تغير مجموعة من الأفراد هو الكفيل بالتغيير الرباني المذكور في الآية ) . و قد جاء في الكتاب أيضا – في تفسير التغيير المذكور في الآية دائما - أن ما بالقوم نتيجة لما بالنفس : مما يعني أن التضعضع الذي لحق الوسط التلمذي  سواء على المستوى الأخلاقي أو الدراسي أو المعرفي راجع بالأساس إلى ما في نفوس التلاميذ حاليا من لامبالاة و من خواء معرفي و فقدان تام للرسالة المنوطة بالإنسان في  الحياة .
إذن التغيير مرة أخرى ينطلق من تغيير نفوس التلاميذ – و أصعب شيء هو أن تغير الموازين التي تحكم المرء- و ذلك يحتاج، كخلاصة ، إلى التوعية بالرسالة من الوجود ( = بث الوعي الإسلامي ) سواء بالمناهج الدراسية – و هذا العامل كما ذكرنا في التمهيد هو المركزي و يتعلق بالمسئولين و ليس التلاميذ – و يحتاج أيضا إلى تمكين  التلميذ من ثقافة حقة و معرفة حقيقية ( = بإعادة الاعتبار للكتاب و للنقاش داخل أسوار المؤسسات التعليمية ).





الهوامش :

(1)" مرآة الغرب المنكسرة " للدكتور حسن أوريد .
(2)" جاهلية القرن العشرين " – فصل " فساد في الأخلاق" ص : 162. للأستاذ محمد قطب .
(3)" الأخطاء الستة للحركة الإسلامية بالمغرب " . للشيخ فريد الأنصاري – رحمة الله عليه - .فصل ( استصنام الخيار النقابي ) .
(4)" شروط النهضة ". للأستاذ مالك بن نبي – رحمة الله عليه - .  فصل " توجيه الثقافة " . ص : 88
(5)" الجاهلية " حسب المصدر السابق . فالجاهلية كما يقول فيها " الأستاذ محمد قطب " هي : البعد عن هدى الله تعالى و هي مقابل معرفة الله و الحكم بما أنزل الله و تتخذ عدة صور على مر تاريخ البشرية . و ليس بالضرورة أن تكون الجاهلية ضد العلم و المدنية و الحضارة...
 (6 " البيان الدعوي و ظاهرة التضخم السياسي " . للشيخ فريد الأنصاري – رحمة الله عليه .

(7) نفس المصدر السابق .
 (8) " معالم في الطريق " ص : 6 ( الطبعة الثامنة عن دار الشروق ) .
...تابع القراءة

| 0 التعليقات ]


5/ مراعاة التدرج :

عملية " الإصلاح الثقافي " داخل الوسط المدرسي تستلزم التدرج و مراعاة فقه الأولويات . فالمدلول الأول الذي أشرنا إليه بالنسبة للإصلاح الثقافي  بمعنى تغيير مجموعة من التصورات و الموازين التي تحكم التلميذ و تؤطره، يحتاج إلى جهد جهيد و عمل طويل , فكما أن عملية زلزلة القيم الأصيلة و تفريغ التلميذ منها ( الشباب عموما ) تمت في سنين بل أكثر من قرن ( بروتوكولات حكماء صهيون التي تشير إلى المرامي  الدنيئة للصهيونية العالمية مضى عليها أكثر من قرن من الزمان ) فتحقق لها حاليا ما أرادت ! عملية الإصلاح كذلك يجب أن تعمل  بالتدريج لكي تؤتي أكلها .
فقه الأولويات كذلك مهم في عملية الإصلاح حيث يجب الابتداء بالركائز و الأسس : الصلاة أولا ( و هنا مساجد المؤسسات تلعب الدور ) و هي الخطوة الأولى في عملية الإصلاح و منها ستتغير باقي التصورات ، لأن الصلاة تحدث مكانة جديدة للدين لدى التلميذ و بالتالي هو انتصار أيما انتصار في عملية تغيير الموازين !!
كما أن فقه المقاصد يلعب دورا مهما، خصوصا الكليات الخمس، إذ يجب العناية بترتيبها. فحفظ الدين هو الأساس و عمود الدين الصلاة , و قد ذكرنا آنفا  أهميتها و كونها من أول الأولويات . و حفظ النفس و حفظ العقل في المرتبة الثانية ; محاربة المخدرات و التدخين و العنف...

6/  التفكير الاستراتيجي في إعداد الجيل البديل :

قد سبق لي أن أشرت في أكثر من موضع و بالخصوص في المقال الذي أطلقت فيه صيحة تحذير من تشهير التمييع و تغريب مؤسسات التعليم بمغربنا الحبيب إلى أن المنوط بالتعليم هو إعداد الجيل القائد للحضارة مستقبلا  و هذا ما أعنيه في التمهيد بتأهيله للمراد منه في المستقبل.  فلا يخفى على أحد اليوم، أن الحضارة الإنسانية، بتعبير سيد قطب رحمه الله، بحاجة إلى قيادة جديدة . و كما قال رحمه الله: ( إن قيادة الرجل الغربي للبشرية قد أوشكت على الزوال .. لا لأن الحضارة الغربية قد أفلست ماديا أو ضعفت من ناحية القوة الاقتصادية و العسكرية .. و لكن لأن النظام الغربي قد انتهى دوره لأنه لم يملك رصيدا من '' القيم '' يسمح له بالقيادة (.
قال هذا الكلام منذ ما يقارب نصف قرن من الزمان، و هو الذي خبر الحضارة الغربية عن قرب حين عاش في أمريكا لمدة من الزمان.
صدَّق التاريخ كلام الأستاذ سيد قطب ، فها هي اليوم الحقائق تشير إلى درجة السعار الجنسي ببلاد الغرب ، و كيف أصبح هم التلميذ الغربي فرجه . و بالتالي ، فذلك ينذر بأن الإنسانية جمعاء في حاجة إلى بديل ، و لا بديل  إلا التلميذ المسلم ،  الملتزم ، المتفوق ، المبتكر و المبدع .. و بما أن المغرب ، أحد غرف دار الإسلام فإن البشرية في مسيس الحاجة إلى تلاميذه . و لن تكون البشرية يوما في حاجة إلى التلميذ المائع، عبيد شهواته و نزواته .
و تصريح الرئيس الأمريكي " كنيدي" سنة 1962 ، خير شاهد على ما قاله الشهيد – بإذن الله – سيد قطب ، و هو كلام يفيد كذلك أن ولاة الأمور في الغرب منذ القرن العشرين قد فطنوا إلى المآزق التي وصل إليها شبابهم و تلامذتهم ، و قد دقوا ناقوس الخطر على مستقبلهم منذ ذلك الحين ، لكن للأسف، لم يستطيعوا أن يوقفوا المد الانحلالي الجارف ، لأنهم بكل بساطة انفصلوا عن المعين الأصيل ( الدين ) ، و الغريب أن  المتغربين عندنا – أبناء جلدتنا - مازالوا يدعون إلى تنميط التلميذ المسلم على غرار نظيره الغربي ، رغم أن ولاة الأمور في الغرب منذ أكثر من نصف قرن أشاروا إلى المآزق الأخلاقية التي وصل إليها شبابهم و المهالك التي تؤدي إليها تلك المآزق من فتور عن العمل و فقدان القدرة عن الإدارة الراشدة ...فلماذا لا نحذو حذو الغرب شبرا شبرا و ذراعا بذراع  ، في هذا الأمر ، فندعو إلى الرجوع إلى الأخلاق و الفضائل و لا خوف علينا حينها لأننا نملك المعين الأصيل ( الدين ) .

...تابع القراءة

| 0 التعليقات ]



4/ في الحاجة إلى " كتلة تاريخية" في المدرسة المغربية :



إذا كان المفكر عابد الجابري – رحمة الله عليه – دعا إلى كتلة تاريخية في سياق آخر . فإن المدرسة المغربية تحتاج الآن أكثر  من أي وقت مضى  إلى "  كتلة تاريخية " بين أبناء الحركات الإسلامية و رواد الجمعيات و المؤسسات الدعوية بمختلف ألوانها ، فالدعوة الإسلامية نجحت في المدرسة المغربية في منتصف السبعينيات فما فوق في محاربة العدو الواحد '' المد الماركسي و موجة الإلحاد " لأنها كانت ملتحمة عينها على العدو الواحد ( رغم أن آنذاك كان هناك عامل آخر هو أن الحركات الإسلامية كانت في مهدها و كانت قليلة " أبرزها الشبيبة الإسلامية و الدعوة و التبليغ'' و لا أعلم إن كانت الأخيرة تنشط في العمل الدعوي داخل المؤسسات التعليمية ) ، الخلافات بين الحركات الإسلامية يجب أن توضع جانبا ( لأن أغلبها ذا طبيعة سياسية و لا يجوز أن يكون ما سماه الشيخ فريد الأنصاري – رحمه الله – مرض " التضخم السياسي" (6) عائقا أو حائلا دون تضافر الجهود بين أهل الدعوة الإسلامية من التلاميذ لمحاربة العدو الواحد و هو الفجور و الانحلال ..) ، و أن يكون الهدف هو  تطويق العدو الأول الأوحد بحبل واحد متين و عليهم كذلك أن يشمروا على ساعد الجد  في العمل الدعوي و أن يتذكروا أن الانزواء و الانكفاء على خويصة النفس و اعتزال التلاميذ ( ضحايا المشاريع التمييعية ) ليس من عمل المنتسبين إلى هذا الدين ( الذي يتميز بخلق الفاعلية و الحركية و الإيجابية في نفوس أهله ) و أن ذلك من موجبات إحلال العقاب الجماعي .فقد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( إن الناس إذا رأوا المنكر و لا يغيرونه أوشك  أن يعمهم الله بعقابه ) أو كما قال . كما ورد عنه أيضا قوله: ( و الذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف و لتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابا من عنده، ثم لتدعنه فلا يستجيب لكم ) أو كما قال .
كما أنه على الحركات الإسلامية أن تربي أبناءها على قيم الإسلام و التعاون مع الآخر على ما فيه الخير و أن تهتم بإصلاح عيوبها قبل أن تشير إلى عيوب الأخريات و قبل أن تطعن في منهجهن و ليس في الطعن فوائد على الدعوة الإسلامية التي هي مقصد كل حركة إسلامية ,و الدعوة إلى الله تعالى فوق كل التنظيمات (7).  و لن يستفيد التلميذ – الابن لهذه الحركات – من سماعه لهذه الطعون شيئا سوى أن ذلك سيؤثر سلبا   على تعاونه  مع باقي التلاميذ  المنتمين للحركات الإسلامية الأخرى .  

...تابع القراءة

| 1 التعليقات ]



أحد الفرسان  الذين هزموا أعداء التلميذ المسلم


3/ العدو المخفي '' من ؟؟؟ '' :

طرحنا سؤال '' من ؟ '' في معرض حديثنا عن الأخلاق , أي من يحاول تنميط التلميذ المغربي و المسلم عموما على غرار نظيره الغربي و من يحاول برمجته بفلسفة الآخر الذي تدحرجت أخلاقه رويدا رويدا بعدما انفصلت عن معينها الأصلي ( العقيدة ) فلم تعد عنده الرذيلة رذيلة و لا الفضيلة فضيلة .
- الأول  عدو واضح وضوح الشمس في رابعة النهار ،  لأن مراميه الدنيئة و أفعاله اللاإنسانية تجلت للصغير و الكبير و الحابل و النابل و القاصي و الداني و المرأة و الرجل .. فهو عدو أوضح من أن يشار إليه  إنه العدو الصهيوني و الحركة الصهيونية العالمية راعيته ..
تقول " بروتوكولات حكماء صهيون " : " يجب أن نعمل لتنهار الأخلاق في كل مكان فتسهل سيطرتنا . إن فرويد منا , و سيظل يعرض العلاقات الجنسية في ضوء الشمس لكي لا يبقى في نظر الشباب شيء مقدس , و يصبح همه الأكبر إرواء غرائزه الجنسية , و عندئذ تنهار أخلاقه '' .
و تقول البروتوكولات :  " لقد رتبنا نجاح دارون و ماركس و نيتشه بالترويج لآرائهم . و إن الأثر الهدام للأخلاق الذي تنشئه علومهم في الفكر غير اليهودي واضح لنا بكل تأكيد".
يتضح من خلال النصين من هو عدو الإنسانية و يستنتج من خلالهما كذلك أن التلميذ الغربي ( الشباب بصفة عامة ) كان هو الآخر ضحية الصهيونية العالمية ، و هذا ما يفسر تصريح الرئيس الأمريكي " كنيدي " سنة 1962 الذي قرر فيه أن مستقبل أمريكا في خطر . لأن شبابها مائع منحل غارق في الشهوات ، لا يقدر على المسؤولية الملقاة على عاتقه . و حينما تم إخضاع التلاميذ الغربيين و إفراغهم من كل إحساس بهويتهم الثقافية  بعد أن غرقوا  في الشهوات و الملذات إلى الأذقان .. جاء الدور على التلميذ المسلم – التلميذ  المغربي جزء منه – ليتم إخضاعه بنفس الطريقة  لتكون الهيمنة على العالم  مطلقة في المستقبل القريب من طرف الصهيونية العالمية و تفريخاتها و أخواتها من المنظمات و النوادي السرية ( و ما مشروع النظام العالمي الجديد الذي أعلن عنه سنة 1991 عنا ببعيد و لا المشروع الذي يسعى لإيجاد مكان للعدو الصهيوني في المشرق الإسلامي ، و المسمى  بالشرق الأوسط الكبير ...). إذن العدو الأول واضح و مشروعه بينة و أهدافه جلية ..
الثاني : تلامذة المستعمر الذين رباهم على طريقته فتركهم حماة على مصالحه و مشاريعه ، و هم الذين يسعون إلى استنساخ الأساطير المؤسسة للجاهلية الحديثة (5) في النظام السياسي بالدعوة إلى العلمانية و اللادينية البغيضة الممقوتة ، و يحاولون زرع هذه السموم في المناهج الدراسية بعد أن سيطروا على مؤسسات الدولة , و هم الذين يحاولون تغطية الشمس بالغربال بالمناداة إلى السلام مع العدو الصهيوني أو ما يسمونه حل الدولتين !! ( و لا نعرف عن أي دولة يتحدثون ، هل كيان صهيوني إرهابي في أكثر من 80% من فلسطين التاريخية , يعيش جنبا مع ما يسمونه الدولة الفلسطينية المستقلة !!  المنزوعة السلاح التي توجد على الفتات الباقي من الأراضي و التي أرادوا فيها التبادل أيضا !!! ) ، و يريدون مرة أخرى زرع هذه الفهوم العليلة لترسيخها لدى التلاميذ بوضعها في المقررات الدراسية كذلك ( منها درس في مادة الاجتماعيات في السنة الختامية بالإعدادي  و بعض الصور المجسدة لحمامة السلام بين الأعداء  في شتى المستويات الدراسية موجودة ؟؟ ) بدل أن ينشروا ثقافة المقاومة و الصمود و بث روح الجهاد للذوذ عن حمى الرحمان و مقدسات الأمة لدى التلاميذ ( فتم إلغاء درس عن الجهاد في مادة التربية الإسلامية في الثانوي ! ) أو على الأقل توضيح حقيقة الصراع للتلاميذ على أن له بعدا عقائديا و أنه صراع وجود لا صراع حدود  .
فالحقائق واضحة , فالمسلسل الانهزامي الاستسلامي الذي توج في أوسلو و بدأ في بكامب دايفيد  لم ينفع الشعب الفلسطيني قيد أنملة بل زاده آلاما على أخرى  و خيار المقاومة تقوى شكيمته بعد كل نزال و قد  ازداد بيانا في معركة الأمعاء الخاوية التي خاضها الأحرار الحقيقيون هذه الأيام ، لا هؤلاء العبيد   عباد الدرهم و الدينار و و الصهاينة و الأمريكان .
و في هذا الصدد , نثمن الخطوة التي قامت الوزارة الوصية على التعليم المدرسي بتخصيص ساعة يوم الخميس 10 ماي 2012 للقضية الفلسطينية , و يجب تطويرها بتخصيص يوم كامل و أسبوع كامل للتعريف بقضية كل مسلم ( تعريفا حقيقيا بإعادة القضية إلى جذورها و سبر أغوارها ، لا التعريف المشوه  قضية اللاجئين و قضية حدود 67 !! ) .
- الثالث : له ارتباط وثيق بالعدوين الذي سبق ذكرهما وهو : الانحلال الخلقي , الميوعة ، العري ... هذا التحلل عدو للتلميذ و هو أول ما يجب أن تحاربه الدعوة الإسلامية ، لكن الإشكال يكمن فإنه عدو لا رأس له و لا رجلين ، ذكرنا آنفا مسببوه و هم أهل الصهيونية العالمية و تفريخاتها الساعية لتدمير البنية الخلقية لغير المنتمين للفكر اليهودي ، و أذناب المستعمر  .إذن فمحاربة هذا  العدو ليست بالهينة , فليس من السهل أن تحارب عدوا شيطانيا يخطط و ينفق أمولا طائلة لتنفيذ مراميه و معه الإعلام و المناهج الدراسية .. ليس سهلا أن ترد مجموعة من التلاميذ كيدهم .و بالتالي  عملية  " الإصلاح الثقافي " بالمدلول الأول و الثاني هي التي ستخفف من وطأة ضربات العدو ، فمن جانب سيبث الوعي بخطورة هذه المهالك بالإصلاح الثقافي بمعناه الأول أي : تغيير مجموعة التصورات الخاطئة  لدى التلميذ و لن يتحقق ذلك إلا بالإصلاح الثقافي الثاني أي : تمكين التلميذ من معرفة حقيقية  )  و قد بينا في معرض الحديث عن الحركة التلمذية كيف ذلك بالاستفادة من التجارب السابقة ) فمثلا حين يدرك خطورة التطبيع مع العدو الصهيوني عن طريق كتاب موثوق فيه أو نقاش صحي فإنه آنذاك سيتحسن سلوكه و ترتقي أخلاقه إثر معرفته بأن المستفيد الأول من الانحلال هم الأعداء !
...تابع القراءة

| 0 التعليقات ]


2/  في الحاجة إلى الحركة التلمذية مرة أخرى :

إن السؤال الذي طرحناه سابقا , من الأهمية بمكان ، و يتوقف عليه جزء من الإصلاح الثقافي الذي نعنيه و يعود  بنا إلى  تاريخ التلميذ المغربي في النصف الثاني من القرن الماضي  .
مما لا شك فيه أن مرحلة السبعينيات بالخصوص طبعها المد الماركسي  الغازي لمختلف المؤسسات المصنعة للأجيال القادمة ( منظمة إلى الأمام و منظمة 23 مارس أبرز المنظمات الماركسية  ) ، فالجامعة لا صوت فيها إلا صوت الملاحدة ( الصوت الإسلامي مازال خافتا في بداياته ) و الثانوية أيضا كانت معقلا لهم و لا أدل على  ذلك من السنين البيضاء التي عرفتها المدرسة المغربية بسبب الإضرابات المنظمة من طرف جحافل الماركسيين ( أشهرها  في موسم 1971/1972 ) أو ما يعرف آنذاك بالحركة التلاميذية . لكن ما يهمنا هو أن التلاميذ المتأثرين بالأدبيات الماركسية يقرؤون و يناقشون و تحفل المؤسسات التعليمية و الداخليات  التي يرتادونها بالصالونات الفكرية ، حتى التلميذ الذي لا يقرأ و لا يطالع جراء حضوره لكثير من النقاشات الفكرية هو الآخر يكتسب معارف عديدة . في المقابل هذا المستوى الفكري عند الماركسيين دفع البراعم الأولى و الجيل الأول من الحركة الإسلامية المعاصرة إلى المطالعة و العض على   الثقافة الإسلامية بالنواجذ , فبالإضافة إلى القرآن الكريم كان كتاب وحيد الدين خان ، على سبيل المثال ، ( الإسلام يتحدى ) الحصن الحصين للبراعم الأولى لأنه يفند ترهات الملاحدة بمنهج علمي دقيق .. لذا أعود فأقول إن أهمية النقاش الفكري ضرورية لاكتساب المعرفة، لأن الآخر حينما يطرح سؤالا ( حول وجود الله  لأنه هو  النقاش الدائر آنذاك و لا مكان الآن لهذا الموضوع . لأن الملاحدة في المؤسسات انقرضوا!   ) يدفع الثلة المسلمة من التلاميذ للمزيد من المطالعة لقطع حبال الشكوك عن الموجود الواجب الوجود سبحانه و تعالى .. لذا ترى إيمان   تلك الثلة الأولى بالفكرة الإسلامية أقوى و إقبالها على الدعوة الإسلامية أشد.
إذن يتبين أن الإصلاح الثقافي في الدلالة الثانية التي أشرنا إليها في مفهوم الثقافة المقصود يتمثل في كيفية إيجاد ثقافة حقة  و ليس إصلاح ثقافة معينة و هي من العدم ! و المستفاد تاريخيا من تجربة الحركة التلاميذية  أن التلميذ يكتسب الثقافة بالقراءة أولا ثم النقاش الفكري ثانيا ليتثقف الذي لا يقرأ ثم أخيرا طرح السؤال المؤرق لتيار فكري معين فيعود به إلى المنهل الأول و هو القراءة . و يلاحظ أن الفئة التي درست و عايشت تلك المرحلة من مختلف الأطياف الفكرية هي النخبة التي تتصدر المشهد في البلاد حاليا و البعض منها قام بمراجعات ( الماركسيين و الملاحدة سابقا ) و البعض مازال يتمسك بشيوعية ماتت و أراد أن يحييها !!
على سبيل الختام ، تبقى الحاجة ملحة  حاليا إلى بناء حركة تلمذية , تختلف عن الحركة التلاميذية ذات النزعة اللادينية  ، فجولة الباطل انتهت و جولة الحركة التلمذية ذات الصبغة الإسلامية آن أوانها ، فإن كانت الحركة التلاميذية  سابقا تجاهر بالإفطار العلني في رمضان بالتدخين و غيره في ساحات المؤسسات التعليمية فإن الحركة المنشودة يجب أن تجاهر بالدعوة إلى الله تعالى في باحات المؤسسات و أن تأمر بالمعروف و تنهى عن المنكر ( بمعنى الإصلاح الثقافي بمدلول الثقافة الأول  فلسفة التلميذ ) ، أي يجب كما أسلفنا أن تؤمن الحقوق التربوية للتلاميذ قبل الحقوق المادية التي تعدها الحركة التلاميذية اللادينية سابقا أولى الأولويات ! بالإضافة إلى هذا الدور يجب أن تحمل  الحركة التلمذية المنشودة على عاتقها إعادة الاعتبار للمعرفة و الثقافة ( بدلاتها الثانية ) لدى التلميذ .
...تابع القراءة

| 1 التعليقات ]


ب -   مداخل  الإصلاح الثقافي الذي ننشده :

1/  المفهوم المقصود :

قبل الخوض في مداخل الإصلاح الثقافي في الوسط التلمذي , لا بد من التعريف بما نقصده بالثقافة و ما نعنيه بإصلاحها . نقصد بالثقافة من جهة ، ما ذكره المفكر الجزائري مالك بن نبي – رحمه الله - عن تعريف الغربيين لها "  ففي الغرب يعرفون الثقافة : على أنها تراث ( الإنسانيات الإغريقية اللاتينية ) ، بمعنى أن مشكلتها ذات علاقة وظيفية بالإنسان : فالثقافة على رأيهم هي  ( فلسفة الإنسان ) . "  (4) و بما أننا بصدد موضوع الإصلاح الثقافي لدى التلميذ فإننا نعني إصلاح '' فلسفة التلميذ '' أي تغيير مجموعة من القيم و الأفكار البالية التي تؤطره و التصورات و الموازين الضالة التي تحكمه  ، و التي  تشربها بشكل تدريجي حتى أصبحت هي الأصل و الفطرة و أن من خالفها و خرج عنها هو الشاذ . يصدق فيها قول الحق تبارك و تعالى '' و إذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون ألا إنهم هم المفسدون و لكن لا يشعرون ‘‘. و قد عبرنا عنها، أي هذه الفلسفة في التفكير، في مقال آخر :  بالثقافة المستوردة أي فلسفة  حياة الإنسان الآخر – الغربي –  المفروضة علينا بقوة الحديد و النار في البداية و المختارة عن طواعية من طرف الفئة المخدوعة في نهاية الأمر . و من جهة أخرى ، نقصد بالثقافة   المعرفة ( و لا أقول العلم ) و الفكر ، و هنا  المراد  بالإصلاح الثقافي في هذه الدلالة   :   إيجاد ثقافة حقة و معرفة حقيقية لدى التلميذ لأنه يجب أولا  أن نطرح سؤالا جوهريا ; هل يمتلك التلميذ المغربي حاليا ثقافة معينة ( بمعنى المعارف ) ، هل نتوفر على التلميذ المثقف المستوعب لمجموعة من المفاهيم التي تدور عليها الحياة في هذا العصر ؟ تلميذ قادر على المقارعة الفكرية و النقاش ..؟
التلميذ المغربي حاليا ، إن قلنا تأثر بالثقافة الغربية ، فذلك لا يعني أن السلوكات التي يقوم بها و نمط التفكير و اللباس ، و غير ذلك. يقوم بها مقلدا الغرب أو ظنا أنها ثقافة  الإنسان المتحضر ( و هو الغربي ) التي يجب أن يتبعها ، لا ، فالتلميذ يقوم بهذه السلوكات لأنها في لاشعوره  هي الأصل، لأن الأغلبية العظمى من التلاميذ تتصرف بنفس التصرفات و تتخلق بنفس الأخلاق ( التلاميذ الملتزمين ، إما أن يعتزلوا الآخرين فلا يذكر صوتهم فيكتفون بأضعف الإيمان في مراتب تغيير المنكر ! و إما أن يبقوا مشتتين في المؤسسة فتتلاشى قوتهم. ) . أما التلميذ سابقا، المتشبع بالثقافة الماركسية الإلحادية،  في سبعينيات القرن الماضي مثلا ، فهو يدافع عن الإلحاد و أن الحياة مادة ! لأنها ثقافة يدافع عنها بعد أن تشرب معانيها و سبر أغوراها ( و قرأ "البيان الشيوعي " و أمهات الكتب التي تؤطر الفكر الماركسي ) .  إذن فهو يدافع عنها كثقافة . أما التلميذ الحالي فلا ثقافة له ، تلميذ مائع شارد لا يعرف لا ماركس و لا لينين و لا فرويد و لا داروين ، لأن أفكار الماديين نقلت إليه بدون أصولها ، لأنه لو تم مد التلاميذ بمعرفة حقيقية عن أصول أفكار الماديين و حقائق مذهبهم لترك تلك السلوكات لأنه إذا علم أن اليهودي فرويد ، مثلا ، هو الذي " وضع التفسير الجنسي للسلوك "  فسيرى نفسه ضحية لمؤامرة خبيثة مدبرة من طرف اليهود المعروفين بالخبث عبر التاريخ .. فسيفكر في أمور أخرى أكبر و أهم من التفكير من هذه  التفاهات ( كالجنس مثلا ) .إذن يجب زرع ثقافة حقة في عقلية التلميذ الذي لا ثقافة له حاليا ( و إنما الأمر لا يغدو أن يكون محاكاة و تقليد أعمى لباقي التلاميذ ) ، ثقافة راشدة ترده إلى هويته و أمته  . لكن ما السبيل إلى ذلك ، هذا ما نعنيه بعملية الإصلاح الثقافي في مدلولها الثاني .
...تابع القراءة

| 2 التعليقات ]

4/   في الدراسة و المعرفة  :  


لا يخفى على كل متتبع لصيرورة التعليم بمغربنا الحبيب , أنه كل ما  أضيفت بعض الترقيعات السطحية  على منظومة التعليم إلا و أتت بنتائج عكس المتوخاة ;  فتلميذ الستينات من القرن الماضي على سبيل المثال ، إذ يحصل على شهادة الابتدائي قد يفوق مستواه المعرفي تلميذ الثانوي أو حتى الطالب الجامعي في يومنا هذا ( دعك من التقريرات سواء الدولية أو الوطنية التي تتحدث عن تقهقر التعليم ببلدنا ) . مما يستدعي طرح السؤال، لماذا التلميذ الحالي مستواه المعرفي ضعيف ( هنا نتحدث عن العوام و ليس الاستثناءات ) ؟  هل  مكمن الخلل في الأستاذ أم في  المناهج الدراسية أم  في الإدارة التربوية أم فيه شخصيا ، أم أن كل هذه الاختلالات مجتمعة سببت في انبطاح مستوى التلميذ المغربي ؟ ( دعونا من النقط و الدرجات فهي لا تعبر عن المستوى الحقيقي لتلميذ المغرب ).
أولا , لا يمكن أن نمر مرور الكرام على  ملاحظة مهمة  تتمثل في كون التلميذات متفوقات على الذكور في أغلب الفصول الدراسية و نتائج الباكالوريا تشهد بذلك . و يكمن السبب الأول في اعتقادي في انتشار الملهيات عن الدراسة من ألعاب الفيديو و الإنترنت و التشيع الأعمى لفرق كرة القدم و غير ذلك كثير... كما يتجسد العامل الثاني , في البعد عن الله تعالى مما جعل التلميذ تعصف به شهواته و نزواته ، كيف لا و هو في مرحلة عمرية  تتأجج فيها شهوته و غريزته كما لا تضطرم في مرحلة  أخرى ؟ كيف لا و هو يجد أمامه  الأجساد العارية في كل مكان و بأبخس الأثمان ؟ إنه يجب أن يتم كما ذكر الشيخ فريد الأنصاري رحمة الله عليه ، و إن كان في سياق آخر ، تأمين الحقوق التربوية للتلاميذ ( الطلبة )  أولا ثم بعد ذلك تأمين حقوقهم المادية  .(3)
ثانيا , العامل المهم كذلك في انبطاح و انخفاض المستوى المعرفي للتلميذ المغربي ذكرا كان أو أنثى  هو عدم معرفة , لماذا يدرس و يتتلمذ و لماذا يروح و يغدو إلى المؤسسة التعليمية كل صبيحة و ظهيرة ؟ فأغلبية التلاميذ همهم من المقعد الدراسي هو الوصول إلى الكرسي الوظيفي ، صحيح لا يجب أن نغفل هذا الجانب ، لكن أن يتم تضخيمه على حساب العلم بما للكلمة من معنى و الثقافة بما لها أيضا من معنى ; يجب أن نراعي تدني نسبة القراءة في الوطن الإسلامي عامة  و في الوسط التلمذي  خاصة ، و أن لا بديل و لا مصدر لثقافة و معرفة حقيقية للتلميذ الحالي سوى المدرسة . كما أنه من الضروري أن نعيد للعلم مقاصده التعبدية و أن نحيي معاني الربانية في طلبه و انتظارات الأمة الإسلامية من كل تلميذ ينتسب لدار الإسلام و لا شك أن المغرب إحدى غرف تلك الدار الكبيرة . فليس مثلا ، إحساس التلميذ الواعي بما يؤدي إليه السبيل الذي يسلكه طالب العلم و المستوعب للآيات القرآنية و الأحاديث النبوية الحاثة على  طلب العلم أمثال قول المصطفى صلى الله عليه و سلم : ( من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة) . فأكيد أن انعكاسات هذا الإحساس بما له من خلفية إيمانية ستزيد التلميذ حيوية و حماسة و جدية في تحصيل العلم و المعرفة و سيكون نداء العقيدة بمثابة شرارة و وقود يدفع التلميذ إلى المزيد .
ثالثا , من الأمور التي ساهمت ،  في نظري ، في تدني المستوى التعليمي هو غياب روح المنافسة الشريفة و قلة الهمم العالية الساعية للدرجات العلا ، سبحان الخالق ! في شؤون الفضائل تغيب النفوس التواقة للمعالي و في أمهات الرذائل يجري السباق على أشده على من سيكون الداعر و المائع الأول و هذا واضح كل الوضوح  في مجال التبرج و العري حيث المنافسة على أحر من الجمر حول أي وجه سيسيل أكثر بالماكياج و الدهون و حول الملابس التي لا تكسو بل تعري... المهم هذا ليس حديثنا،  الشاهد عندنا هو أن الهمة العالية التي كانت عند خامس الخلفاء الراشدين أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز غابت في وجه من أوجه الخير و هو طلب العلم بين التلاميذ. و الحوافز الإيمانية تم نسيانها . قال صلى الله عليه و سلم : ( إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه ).
...تابع القراءة

| 1 التعليقات ]


2/     في العبادة :

مما لا ريب فيه أن الله تعالى ما خلق الإنسان و أنزله على وجه البسيطة إلا لعبادته و لتحقيق العبودية المطلقة له جل و علا. قال تعالى  ''  و ما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء و يقيموا الصلاة و يؤتوا الزكاة و ذلك دين القيمة '' . و قال أيضا  '' و ما خلقت الجن و الإنس إلا ليعبدون '' . من خلال هاتين الآيتين الكريمتين و غيرهما كثير، يشير رب العزة إلى أن منتهى غاية الخلق هو إخلاص العبادة لله عز و جل . فهل وصل التلميذ المغربي إلى سر وغاية وجوده و مبتغى الخالق عز و جل من خلقه ؟ و هل سعى ليكون من الشباب الناشئ في عبادة الله المستظل بظل عرش الرحمان يوم لا ظل إلا ظله , مصداقا لقول المصطفى صلى الله عليه و سلم : " سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله : إمام عادل و شاب نشأ في عبادة الله عز وجل و رجل قلبه معلق بالمساجد و رجلان تحابا في الله اجتمعا عليه و تفرقا عليه و رجل دعته امرأة ذات منصب و جمال فقال إني أخاف و رجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه و رجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه ."


و هل اهتدى إلى المفهوم الحقيقي للعبادة لا المفهوم الضيق الذي يريد حصرها في المساجد ؟ و لا بأس هنا أن نذكر تعريف شيخ الإسلام ابن تيمية للعبادة ، حيث يقول في كتابه المعنون ب ''العبودية '':  ( العبادة هي اسم جامع لكل ما يحبه الله و يرضاه من الأقوال و الأعمال الباطنة و الظاهرة , فالصلاة و الزكاة و الصيام و الحج, و صدق الحديث و أداء الأمانة و بر الوالدين و صلة الأرحام, و الوفاء بالعهود و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر. و الجهاد للكفار و المنافقين، و الإحسان للجار و اليتيم و المسكين و ابن السبيل و المملوك من الآدميين و البهائم، و الدعاء و الذكر و القراءة. و أمثال ذلك من العبادة، و كذلك حب الله و رسوله و خشية الله و الإنابة إليه و إخلاص الدين له و الصبر لحكمه, و الشكر لنعمه و الرضا بقضائه. و التوكل عليه. و الرجاء لرحمته, و الخوف من عذابه. و أمثال ذلك هي من العبادة لله ) .

لا يمكن أن نترصد مكانة العبادة لدى التلميذ ، لأننا لا نملك معطيات دقيقة عن ذلك ،  كما أسلفنا في المقدمة ، لكن الملاحظ عموما ، في الصلاة مثلا ، لا تكاد مساجد المؤسسات التعليمية تمتلئ إلا ب 5  تقريبا من مجموع تلاميذ المؤسسة في أحسن الأحوال !  ( هذه الرقم لوحظ إثر مراقبة بعض التلاميذ لمجموع المصلين في المؤسسات التعليمية بمدينة مغربية ) و البقية من التلاميذ تنقسم بين تارك للصلاة نهائيا و بين متهاون في أدائها في الوقت ( يجمع أغلب الصلوات ليلا ؟؟ )  و بين معتذر عن الصلاة في المؤسسة بأعذار واهية ( الحذاء و الوضوء...) .أما المؤدون للصلاة ، هل يؤدونها  في المساجد مع الجماعة ، هذا سؤال آخر و النقطة الطريفة فيه , أن مع قرب الامتحانات تعرف المساجد رواجا من حيث الرواد التلاميذ .
هذا عن أم العبادات و عن عمود الدين، أما عن الصوم فنادرا ما تجد المتخلفين عن الصوم، لأنه أضحى معيارا و مقياسا للكبر في العمر ، كما أنه  أمسى عادة أكثر من كونه عبادة يتقرب بها لمالك يوم الدين. أما باقي العبادات فتتفاوت مستوياتها بين التلاميذ .



 3/   في الأخلاق : 


الأخلاق و ما أدراك ما الأخلاق, الغائب بقوة في عصرنا هذا.  الأخلاق, الكلمة التي لخص فيها الحبيب المصطفى صلى الله عليه و سلم بعثته .حيث قال :  ( إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق ) و التي قال عن صاحبها أنه من  أقرب الناس مجلسا منه - صلى الله عليه و سلم-  يوم القيامة.
 التلميذ المغربي كجزء من نسق اجتماعي بدأت بوادر الانتكاسة في عالم الأخلاق تظهر فيه , تأثر هو الآخر بحال المجتمع ، فقد غزا المذهب المكيافيلي ( الغاية تبرر الوسيلة ) المجتمع التلمذي ; فصار النجاح غاية و الغش و الكذب و التحايل وسائل ، أما التعري و التبرج و هتك الأعراض و تتبع العورات و التحرش بالفتيات ، فحدث و لا حرج , فهي صارت من  السلوكات التي لا تنفك عنها مؤسسة تعليمية , أما غض البصر و الحياء و العفاف :   كل ذلك ذهب أدراج الرياح . و البلية الأعظم أن المنكر صار معروفا و المعروف منكرا و أضحى كل من سولت له نفسه إنكار المنكر و لو بقلبه من الداخلين إلى زمرة ''المعقدين''. كل هذا نتاج المحاولات المستميتة من أجل تنميط التلميذ المغربي المسلم على غرار نظيره الغربي فأنتج لنا بتعبير الدكتور حسن أوريد ، أجسادا بلا كوابح و عقولا بدون عقال .(1)
كل يوم نستمع لكثير من الخطابات الرنانة  عن الأخلاق , و دائما تشير الأصبع إلى الآخر  :  النصراني أو اليهودي !! أو حتى الملحد الزنديق .. بل عاينت نقاشا زعمت فيه إحداهن أن " الآخر '' يتمثل قيما روحية أحسن منا بل ادعت أنهم يخشعون أكثر منا ( و ما ز لت لا ندري في أي صلاة أو أي عمل صالح !!!) . هذه القصة مثال حي عن الأخلاق التي يراد لنا أن نتخلق بها .. إنها أخلاق '' الأخر '' ..نحن لا نملك رصيدا خلقيا و لا قيميا رغم أن حضارتنا حية لعدة قرون .. '' الآخر ''    وحده من يملك عدة أرصدة في عالم القيم لأنه استهلها بالتطفل على الهنود الحمر و إبادتهم و استعمار الشعوب المستضعفة و السطو   على خيراتها و انتهاء بإباحة  الشذوذ الجنسي و تقنينه لأنه يوافق منتهى الفطرة الناطقة بمبدأ الفردية في الوجود ( و ليس مبدأ الزوجية الجلي في كل نوع من المخلوقات) !!!




إن الأخلاق حين تنفصل عن معينها الأصلي (2) الذي هو الدين تكون  عرضة  للتحلل لكن ببطء و هذا ما فتن الكثير من الناس في قضية الأخلاق في الغرب ، و المشكل أن الناس حين بدأ الانحلال الخلقي يعتورهم عرضوا بعض القيم التابثة للتبديل فلم تعد على سبيل المثال العفة خصلة حميدة و لم يعد الفجور و العهر سفالة و رذيلة و هو ما يحاول ( من ؟؟؟ ) نقله إلينا ، و ربما في صفوف التلاميذ لم يصل الأمر إلى درجة هذه فضيلة و تلك رذيلة ، لكن تم قطع أشواك في ذلك فحين يوصف العفيف أو حين توصف العفيفة المحجبة أو المختمرة بالرجعية و الماضوية ، أي الخطاب الذي تبنته الحركات أو الأحزاب الموغلة في الجاهلية ( لكن تدعي الحداثة !   )، فذلك يعني أن المفاهيم بدلت و القيم على وشك ذلك.

                                                                                                                                              يتبع٠٠٠

...تابع القراءة

| 0 التعليقات ]



إن أي محاولة ترمي   لبعث إسلامي جديد  في العصر الحديث لا بد أن تضع نصب عينيها التلميذ باعتباره الحامل للواء أي عمل نهضوي في الغد القريب لذلك تبقى الحاجة ملحة للقيام بدراسات و أبحاث لتشخيص واقع هذا التلميذ ( في الدراسة و المعرفة ، الأخلاق و القيم ... ) للبحث عن السبل الكفيلة بإخراجه من الحفر التي سقط منها ، قصد إعداده و تأهيله للمراد منه مستقبلا . و المنظومة التربوية جزء مهم من عملية الإصلاح و ليست هي الوحيدة القادرة على انتشال التلميذ من الوهاد  التي ارتمى فيها – و إن كان إصلاحها من الأهمية بمكان بالمقارنة مع باقي عوامل الإصلاح - فهناك عدة عوامل أخرى  متداخلة يمكنها أن تخرج مجتمعة ، إذا تحققت: تلميذا متفوقا ، متمكنا من المعارف التي تمرس عليها طيلة اثني عشرة سنة ، تلميذا مبدعا و فوق كل ذلك تلميذا واعيا برسالته في الحياة مستوعبا لموقعه فيها   :عضوا حيا من أعضاء الأمة الإسلامية . و من ثمة كان هذا المقال ، الغير المنسوب، إلى عالم الدراسات ( التي تحتاج إلى معطيات و إحصاءات ميدانية دقيقة ) إنما هو  يستقي أفكاره من ملاحظات و تأملات و نظرات تلميذ يعايش تلاميذ إحدى غرف دار الإسلام ( المغرب ) ، في محاولة لوضع تشخيص واقعي بسيط لما يعيشه التلميذ المغربي ، و في محاولة أخرى لاقتراح  بعض المعالم و العوامل التي يمكن أن تسهم في عملية الإصلاح الثقافي في الوسط المدرسي .  


أ -   نظرات في واقع المجتمع التلمذي المغربي الحالي :

إذا تأملنا واقع التلميذ المغربي المسلم نجده:

1/   في  العقيدة :

لا ريب أن التلميذ المغربي، بحمد الله رب العالمين، اختفت إلى حد كبير  في مخيلته الأفكار الخرافية التي نمت بشكل كبير في البيئة المغربية نتيجة للأمية و الجهل السائدين فيما مضى من العقود، و نأت المعتقدات "الشركية " بنفسها عن فكره ، و لا أدل على ذلك سوى مستوى الجدال العقيم الذي يجري دائما  بين التلميذ و أجداده ممن ترسبت الأفكار الخرافية "الشركية" في أذهانهم طوال حياتهم و يدور فلك الجدال غالبا حول قدرة من يسمون '' سيدي كذا ... '' في جلب منفعة للناس و حول أحقية ذلك ''  السيد '' باستنجادهم بالتسليم و العفو .لكن من المجازفة القول بأن هذه البدع و الخرافات و المعتقدات " الشركية " التي عششت لعقود من الزمن في أذهان المغاربة  قد اختفت نهائيا ، فالحاصل أن التلميذ القروي يولد سليم الفطرة لكن أهله نتيجة للتربية التي تلقوها هم كذلك ,  يحيطانه بمناخ مشحون بالعاطفة الدينية الفاسدة  ( و إن كانت عن حسن نية ) يوفر له  القابلية لتلقي الأفكار الخرافية , ففقيه مسجد القرية, الذي يجب أن يكون قدوة و أسوة حسنة ، هو أول من يزكي و ينسب الزوايا و الأضرحة و كل المعتقدات الباطلة للشريعة الإسلامية السامقة البريئة براءة الذئب من دم يوسف من كل ذلك .
و من جانب آخر , عقيدة التلميذ المسلم ، بصفة عامة ، تتعرض لهزات مستميتة من أجل زعزعتها بدءا بالرسوم المتحركة المغلفة بسموم قاتلة و فهوم  مشوهة يتناول التلميذ الطفل المسكين جرعات هائلة منها كل يوم و هو متسمر أمام شاشة التلفاز ، أكيد أن كل متتبع لهذه الرسوم  سيلاحظ التغير الطارئ في مواضيعها و القضايا المبثوثة فيها ، فقد كانت إلى عهد قريب ( قبل عقدين تقريبا ) تتناول قيما إنسانية نبيلة و مثلا عليا تساهم في بلورة شخصية الطفل ، أما  حاليا أضحت الرسوم المتحركة  وسيلة جهنمية لتمرير المعتقدات الباطلة كالشعوذة و السحر  بالإضافة على إبراز العالم على أنه عالم أشباح و شياطين يحاولون الهيمنة و القضاء على كل خلق و فضيلة فيه . و من هنا ننطلق لنتساءل عن مهرب  تلك الطقوس الشيطانية التي بدأت تغزو الأسواق المدرسية, حيث صار الحديث ذا شجون عن من يطلق عليهم '' عبدة الشيطان '' الذين  توجد معاقلهم بالمدن الكبرى في المملكة ، و المتتبع لتاريخ تسلل هؤلاء الشواذ إلى المدرسة المغربية يلاحظ  أن أصحاب هذه السلوكات الناشزة للضمير المسلم لم يمر عليهم أكثر من خمس سنوات ،  يعني  أنهم مازالوا في بداياتهم مما ينذر بسوء ما تؤول إليه عقيدة التلميذ المغربي في المستقبل القريب إذا لم تتم مكافحة هذا الخطر قبل فوات الأوان.
و على صعيد آخر ، فإن عقيدة التلميذ المغربي و ربما المسلم عموما ما يضيرها كذلك أن التلميذ ينسى الجزاء الأوفى في الدار الآخرة و يتعجل بفتات الدنيا فها هو مثلا يغش في الامتحانات رغبة في نجاح زائف مع نسيانه رهبة الإقصاء من الانتماء لأمة الإسلام  مصداقا لقول المصطفى صلى الله عليه و سلم :  ( من غشنا فليس منا ) – و إن كان سياق الحديث عن التجارة فهو قاعدة تسري  على جميع الأعمال و المعاملات - و هذا ما يطلق عليه ب" العقيدة الدنيوية ".
و ختاما فإن عقيدة التوحيد لدى التلميذ المغربي المسلم ، بما للتوحيد من معنى في توحيد الله عز و جل في الربوبية و الألوهية و العبودية ، يجب أن تحصن و يعنى بها فإن الماكرون يمكرون و لا يملون و  معاول الهدم لا تكاد تنزع من أيديهم ، إذ  يجب العمل على تحقيق مقتضيات لا إله إلا الله ( التوحيد ) بمناهج دراسية تلامس الواقع العقدي للتلميذ المغربي في العمق .

                                                                                                                                   يتبع٠٠٠
...تابع القراءة

| 1 التعليقات ]




                                                              ( 1 )






قبل أزيد من قرن و نصف اجتاحت أوربا العالم الإسلامي تحت قناع يحمل عنوان الرغبة في إدخال الحضارة و التنمية إلى بلاد الإسلام .ترى هل طلبنا منهم هذه الحضارة المزعومة التي نجتر ويلاتها اليوم جراء طغيان الجانب السلبي فيها على الجناح الإيجابي الذي لا يمكن تجاوزه ـ إن كنا منصفين ـ ؟؟
و ضع المستعمر في خريطته الذهنية الاستعمارية أهداف عدة يمكن اعتبارها ثانوية ؛ منها استنزاف خيرات البلاد ، تصريف الفائض من المُنتجات ، جَعْل المستعمَرة بلدا ملحقا بالبلد المستعمر ( الجزائر مثلا كانت ملحقة لفرنسا ، حتى سُميت آنذاك بفرنسا الثانية من 1831م إلى 1963م ) . ربما سيتساءل القارئ عن أهمية هذه الأهداف و عمقها ، لكن مهما بلغت تلك الأهمية فإنها وقتية ستنتهي حتما بانتهاء الاستعمار بعد بزوغ  المقاومات الوطنية المُنطلقة من الكتاتيب القرآنية و المعاهد الإسلامية ..
و كل  هذه الغايات التي سطَّرها ، المستعمر لبلاد الإسلام ، عَنْوَنَها بعنوان كبير و هو الاختراق الثقافي و القِيَمي للدول المُسْتعْمرة ، و مسح الطابع الإسلامي فيها ..
انتهى الاستعمار المباشر في أغلب بلدان العالم الإسلامي ، فكان هَمُّ  المحتل المهزوم المدحور؛ تتويج ذلك الاختراق المذكور آنفا بمشروع استعماري جديد ٬ غير مباشر ، له عناوين و أدوات جديدة  و استراتيجيات كبرى نذكر بعض معالمها فيما يلي :
ـ اقتلاع الارتباط الراسخ لدى المسلمين بالعودة إلى القرآن الكريم و السنة النبوية المطهرة ، و محاولة تجفيف منابع التدين .
ـ البحث في المُستعمرات السابقة ، عن أذناب و تلامذة الاستعمار لكي يحكموا البلاد و العباد و يسهلوا تفعيل الخطط الاستعمارية على أرض الواقع ..
ـ المساهمة في محو لغة و هوية و ثقافة البلد المسلم بظهور ما يسمى الفرنكفونية و غيرها من المخططات الجهنمية التي تهدف إلى قطع صلة المسلم مع تاريخه و تراثه ..
ـ تشجيع الزوايا و الطرق الصوفية و غيرها من البدع ، للابتعاد عن الاسلام الصافي الذي مصدره القرآن الكريم و السنة النبوية ، لأن هذه الزوايا لا تشكل خطرا للمستعمر فهي ـ تسمو بالإنسان في المعالي  بروحه ـ و تعتبر الدفاع عن الثروات التي ينهبها المستعمر الغاصب ، تشبث بالحياة و الأمور المادية ..

                                                            (  2 )   
                                                                   

نجح المشروع الاستعماري إلى أبعد مدى ، في تحقيق أحلامه ، حتى صار الأجنبي     : المشرك ، الملحد و الكافر و المسلم  ، اللذان كانا نقيضان لا يلتقيان ؛ صديقين حميمين ، نسختين من جنس واحد في الخُلق و منظومة القيم ، منتسبين إلى مدرسة فكرية واحدة تدعو إلى الحداثة الغربية ، إلى الحضارة المتوحشة بأسس علمانية ، حتى اندثر الإسلام في الواقع ( المؤسسات ... ) إلا من رحم ربك من بعض من فطن للمكيدة المدبرة التي تحاك ضد الأمة الإسلامية .. أو من تشبث بالتقاليد من أهل القرى و الأرياف غالبا ..
شرب أهل المشروع الاستعماري نخب النصر ، و ظنوا أنهم ملكوا الأرض إلى يوم الدين ، بعدما تيقنوا من تخدير العالم الإسلامي بمخدرات من كل جانب ؛ التدمير الأخلاقي و اللهث وراء الشهوات و الاهتمام الزائد بالماديات  . فبحثوا لإخوان القردة والخنازير عن مظلة تظلهم و كيان يجمعهم بعدما تشتتوا في المعمور .. و لم يجدوا غير الأرض الإسلامية و موطن الأنبياء و مسرى النبي الأمين خاتم المرسلين أرض خليل الرحمان فلسطين ـ الجرح الغائر في جسم الأمة الإسلامية ـ !!
لكن فرحة المستعمر لم تستمر فسرعان ما تبددت و سقط من يده الكأس الذي شرب منه نخب النصر ؛ كل ذلك بفضل بزوغ عقول نيرة و أفكار قيمة تتقد حماسة و تتمزق غيظا لما تتعرض له الأمة ، بدأت عملها بدعوة الشباب المسلم  إلى الحق و التوبة عن فكر الأعداء .. و التحرر من عقال المادية المجحفة و من قيود نير الشهوات  .. فَطَفا على السطح ما يسمى بالصحوة الإسلامية و هذه تجلياتها ؛ عودة الشباب إلى المساجد ، توبة النساء من التبرج ( الذي ظنَنْنه سابقا  تقدما و حضارة  ) إلى الزي الإسلامي ( الشرعي ) و العفاف و الإحصان ، عودة مدرسة رمضان لاستئناف عملها في تخريج و تهذيب المسلمين .. الرجوع إلى المعجزة الخالدة ( القرآن الكريم ) و سنة الحبيب المصطفى في شتى مناحي الحياة : الأخلاق ، المعاملات ( إفشاء السلام ...) ، الاقتصاد ( محاربة الربا ، الرشوة ، المطالبة بفتح التمويلات الإسلامية ) ، تميز الشخصية الإسلامية في مظهرها ( إطلاق اللحى ، الحجاب ..) . لكن في السياسة الأمر مختلف ، ليت شعري ، متى نعود إلى تطبيق الشريعة بحذافيرها ؟
                                                                              ( 3 )

لكن رغم هذه العودة النسبية التي ذكرت ، فقد عاد المستعمر بقناع جديد و لون مختلف و نَفَسٍ طويل و خطر شديد ( الخطر الصهيوأمريكي على الأمة ) ، و ما زلنا نجتر ويلات المشروع الاستعماري الحداثي ، مع ظهور سياسة أخطر و هي التمييع و التفسيق و التضليل و تفسيخ هوية الشباب المسلم  و الاستماتة من أجل سلخه عن حضارته الضاربة في أعماق التاريخ ...
فهل نجح المشروع الاستعما ري ؟ إنه نجح  ثم فشل و عاد إلى الرهان بشراسة و اندفاعية أكبر من الأولى .. فهل هناك من يغار على هذه الأمة المجروحة لِيُلَمْلم جراحها ؟ نحتاج فعلا إلى فطنة أكبر و تعاون أوسع و مقاومة أشد ، لِنُبعِد عنا الخطر الاستعماري الجديد. !!

* المقال منشور في جريدة "القدس العربي" في عدد السبت و الأحد 8/9 من أكتوبر 2011
...تابع القراءة