| 1 التعليقات ]


2/     في العبادة :

مما لا ريب فيه أن الله تعالى ما خلق الإنسان و أنزله على وجه البسيطة إلا لعبادته و لتحقيق العبودية المطلقة له جل و علا. قال تعالى  ''  و ما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء و يقيموا الصلاة و يؤتوا الزكاة و ذلك دين القيمة '' . و قال أيضا  '' و ما خلقت الجن و الإنس إلا ليعبدون '' . من خلال هاتين الآيتين الكريمتين و غيرهما كثير، يشير رب العزة إلى أن منتهى غاية الخلق هو إخلاص العبادة لله عز و جل . فهل وصل التلميذ المغربي إلى سر وغاية وجوده و مبتغى الخالق عز و جل من خلقه ؟ و هل سعى ليكون من الشباب الناشئ في عبادة الله المستظل بظل عرش الرحمان يوم لا ظل إلا ظله , مصداقا لقول المصطفى صلى الله عليه و سلم : " سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله : إمام عادل و شاب نشأ في عبادة الله عز وجل و رجل قلبه معلق بالمساجد و رجلان تحابا في الله اجتمعا عليه و تفرقا عليه و رجل دعته امرأة ذات منصب و جمال فقال إني أخاف و رجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه و رجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه ."


و هل اهتدى إلى المفهوم الحقيقي للعبادة لا المفهوم الضيق الذي يريد حصرها في المساجد ؟ و لا بأس هنا أن نذكر تعريف شيخ الإسلام ابن تيمية للعبادة ، حيث يقول في كتابه المعنون ب ''العبودية '':  ( العبادة هي اسم جامع لكل ما يحبه الله و يرضاه من الأقوال و الأعمال الباطنة و الظاهرة , فالصلاة و الزكاة و الصيام و الحج, و صدق الحديث و أداء الأمانة و بر الوالدين و صلة الأرحام, و الوفاء بالعهود و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر. و الجهاد للكفار و المنافقين، و الإحسان للجار و اليتيم و المسكين و ابن السبيل و المملوك من الآدميين و البهائم، و الدعاء و الذكر و القراءة. و أمثال ذلك من العبادة، و كذلك حب الله و رسوله و خشية الله و الإنابة إليه و إخلاص الدين له و الصبر لحكمه, و الشكر لنعمه و الرضا بقضائه. و التوكل عليه. و الرجاء لرحمته, و الخوف من عذابه. و أمثال ذلك هي من العبادة لله ) .

لا يمكن أن نترصد مكانة العبادة لدى التلميذ ، لأننا لا نملك معطيات دقيقة عن ذلك ،  كما أسلفنا في المقدمة ، لكن الملاحظ عموما ، في الصلاة مثلا ، لا تكاد مساجد المؤسسات التعليمية تمتلئ إلا ب 5  تقريبا من مجموع تلاميذ المؤسسة في أحسن الأحوال !  ( هذه الرقم لوحظ إثر مراقبة بعض التلاميذ لمجموع المصلين في المؤسسات التعليمية بمدينة مغربية ) و البقية من التلاميذ تنقسم بين تارك للصلاة نهائيا و بين متهاون في أدائها في الوقت ( يجمع أغلب الصلوات ليلا ؟؟ )  و بين معتذر عن الصلاة في المؤسسة بأعذار واهية ( الحذاء و الوضوء...) .أما المؤدون للصلاة ، هل يؤدونها  في المساجد مع الجماعة ، هذا سؤال آخر و النقطة الطريفة فيه , أن مع قرب الامتحانات تعرف المساجد رواجا من حيث الرواد التلاميذ .
هذا عن أم العبادات و عن عمود الدين، أما عن الصوم فنادرا ما تجد المتخلفين عن الصوم، لأنه أضحى معيارا و مقياسا للكبر في العمر ، كما أنه  أمسى عادة أكثر من كونه عبادة يتقرب بها لمالك يوم الدين. أما باقي العبادات فتتفاوت مستوياتها بين التلاميذ .



 3/   في الأخلاق : 


الأخلاق و ما أدراك ما الأخلاق, الغائب بقوة في عصرنا هذا.  الأخلاق, الكلمة التي لخص فيها الحبيب المصطفى صلى الله عليه و سلم بعثته .حيث قال :  ( إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق ) و التي قال عن صاحبها أنه من  أقرب الناس مجلسا منه - صلى الله عليه و سلم-  يوم القيامة.
 التلميذ المغربي كجزء من نسق اجتماعي بدأت بوادر الانتكاسة في عالم الأخلاق تظهر فيه , تأثر هو الآخر بحال المجتمع ، فقد غزا المذهب المكيافيلي ( الغاية تبرر الوسيلة ) المجتمع التلمذي ; فصار النجاح غاية و الغش و الكذب و التحايل وسائل ، أما التعري و التبرج و هتك الأعراض و تتبع العورات و التحرش بالفتيات ، فحدث و لا حرج , فهي صارت من  السلوكات التي لا تنفك عنها مؤسسة تعليمية , أما غض البصر و الحياء و العفاف :   كل ذلك ذهب أدراج الرياح . و البلية الأعظم أن المنكر صار معروفا و المعروف منكرا و أضحى كل من سولت له نفسه إنكار المنكر و لو بقلبه من الداخلين إلى زمرة ''المعقدين''. كل هذا نتاج المحاولات المستميتة من أجل تنميط التلميذ المغربي المسلم على غرار نظيره الغربي فأنتج لنا بتعبير الدكتور حسن أوريد ، أجسادا بلا كوابح و عقولا بدون عقال .(1)
كل يوم نستمع لكثير من الخطابات الرنانة  عن الأخلاق , و دائما تشير الأصبع إلى الآخر  :  النصراني أو اليهودي !! أو حتى الملحد الزنديق .. بل عاينت نقاشا زعمت فيه إحداهن أن " الآخر '' يتمثل قيما روحية أحسن منا بل ادعت أنهم يخشعون أكثر منا ( و ما ز لت لا ندري في أي صلاة أو أي عمل صالح !!!) . هذه القصة مثال حي عن الأخلاق التي يراد لنا أن نتخلق بها .. إنها أخلاق '' الأخر '' ..نحن لا نملك رصيدا خلقيا و لا قيميا رغم أن حضارتنا حية لعدة قرون .. '' الآخر ''    وحده من يملك عدة أرصدة في عالم القيم لأنه استهلها بالتطفل على الهنود الحمر و إبادتهم و استعمار الشعوب المستضعفة و السطو   على خيراتها و انتهاء بإباحة  الشذوذ الجنسي و تقنينه لأنه يوافق منتهى الفطرة الناطقة بمبدأ الفردية في الوجود ( و ليس مبدأ الزوجية الجلي في كل نوع من المخلوقات) !!!




إن الأخلاق حين تنفصل عن معينها الأصلي (2) الذي هو الدين تكون  عرضة  للتحلل لكن ببطء و هذا ما فتن الكثير من الناس في قضية الأخلاق في الغرب ، و المشكل أن الناس حين بدأ الانحلال الخلقي يعتورهم عرضوا بعض القيم التابثة للتبديل فلم تعد على سبيل المثال العفة خصلة حميدة و لم يعد الفجور و العهر سفالة و رذيلة و هو ما يحاول ( من ؟؟؟ ) نقله إلينا ، و ربما في صفوف التلاميذ لم يصل الأمر إلى درجة هذه فضيلة و تلك رذيلة ، لكن تم قطع أشواك في ذلك فحين يوصف العفيف أو حين توصف العفيفة المحجبة أو المختمرة بالرجعية و الماضوية ، أي الخطاب الذي تبنته الحركات أو الأحزاب الموغلة في الجاهلية ( لكن تدعي الحداثة !   )، فذلك يعني أن المفاهيم بدلت و القيم على وشك ذلك.

                                                                                                                                              يتبع٠٠٠

1 التعليقات

غير معرف يقول... @ 9 يوليو 2012 في 8:03 ص

موضوع جيد
سأحاول قرائته في المستقبل البعيد

إرسال تعليق