| 0 التعليقات ]





ألقى الأستاذ بلال أردوغان محاضرة مفتوحة حول أسرار نجاح التجربة التركية أمام الجيل السابع من أكاديمية إعداد القادة التي تنظمها سنويا شركة الإبداع الأسرية و تديرها الأستاذة بثينة إبراهيم (زوجة المفكر و الإعلامي المعروف طارق السويدان). لم يُفوت فيها المحاضر الفرصة لبعث رسائل مضيئة لمسارات "قادة" الغد.
استهل نجل الرئيس التركي كلمته بالتذكير بمدلول القيادة، كما درسه في إحدى الجامعات العريقة بالولايات المتحدة الأمريكية، و هو: القدرة على مواجهة المشاكل  و قيادة المعارك (على مختلف الأصعدة) في ظل غموض المشهد و ضبابية الصورة و طغيان التعقيدات و تشابك الملفات. و من هنا، اعتبر نجاح والده في قيادة التجربة راجع إلى استبطانه لهذا المدلول (رغم كونه لم يشهد الدراسة في الجامعات المتقدمة في الولايات المتحدة الأمريكية !) فهو الذي يقول –أي الرئيس أردوغان-: أستمتع بمجابهة  المشاكل  الكائنة في مناخ موبوء و  مشهد مضطرب..
هذا الكلام يزكي كثيرا المسار الذي يرسمه حزب العدالة و التنمية في المغرب. فالحزب يدرك ما يكتنف العملية السياسية من غموض و تعقيد و ميوعة، لكنه -و بقيادة الأستاذ عبد الإله بنكيران- يصمد وسط الإعصار و يشق طريق فكرته الإصلاحية بثبات غير مكترث لأي مثبط أو كائن يعيش على الأماني و الانتظار.
اعتبر الأستاذ بلال أن توجُه حزب أردوغان إلى بناء اقتصاد قوي من خلال الدفع بعجلة الاستثمارات الأجنبية و تقوية البنيات التحتية و تلميع عمل البلديات  إلى جانب توجيه المشاريع نحو الفقراء و توطيد أركان الديمقراطية و الحرية. اعتبر كل تلك الإجراءات نجاحات ساطعة رفعت الوهن عن تركيا. لكنه استدرك: إن النجاح الحقيقي الذي حققناه هو المتمثل في جعل التدين في مركز الحياة التركية (قبل ولوج حزب العدالة و التنمية للسلطة كانت المرأة تُطرد من البرلمان لأنها محجبة، حاليا أزيد من عشرين محجبة و لا أحد بمقدوره أن يتجرأ على فتح فمه بخصوص زيهن بله أنطردهن من السلطة التشريعية).
أما زبدة الدروس التي وجهها نجل أردوغان ل"قائد" الغد فهي : اعرف نفسك، و عش لرسالتك.. النجاح التام يوجد هناك في الدار الآخرة.. لا راحة لنا في الدنيا. فحتى ما نظنه نعيما هنا، بالمقارنة مع ما في الفردوس الأعلى، هو جحيم. الخيبة كل الخيبة، إن فُزت هنا و أفلحت في الدنيا، و خسرت الآخرة فذاك هو الخسران المبين. و أضاف: المهم إن لم ننجح، بالنسبة لنا نحن المسلمون، هو أن نموت و نحن نحاول صد الظلم و الطغيان و مقارعة الباطل و الاستكبار..
هو درس و أيُ درس ! هو درس ابن الرئيس الذي لم تنسيه حياة واشنطن أو باريس بوصلة "الآخرة" التي تعد بحق منارة كل مسلم سعيد ! (كل نفس ذائقة الموت و إنما تُوفون أجوركم يوم القيامة فمن زُحزح عن النار و أُدخل الجنة فقد فاز و ما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور). سورة آل عمران:185.
المهم هو أن تحاول  بكل قواك، هو أن تجاهد بكل جهدك، هو أن تُقلع.. و ليس بالضرورة أن تصل! المهم هو أن تقتعد مقعدا في الفردوس الأعلى فذاك هو غاية المنى ! أما أن تحتل حيزا بين الأمم العظمى، فلا شك أنه مطلوب، لكن يكفيك فيه شرف المحاولة.. ففيها مناط رسالة الاستخلاف.. و لعل الجيل الذي يعقبك يفوز بقطف ثمار محاولاتك !
كلام يزكي مرة أخرى تجربة العدالة و التنمية في نسخته المغربية. فهو حزب يخوض هذه الأيام غمار العملية الانتخابية في مستنقع آسن؛ في ظل غياب منافسة حقيقية من الأحزاب السياسية (باستثناء قطاع مُقدر من حزب التقدم و الاشتراكية و فيدرالية اليسار الديمقراطي الذي يحوي آخر العناقيد في اليسار الوطني المبدئي الغيور). فالمنافس الحقيقي للحزب هو الفساد و الكذب  و استعمال المال الحرام و استغفال جماهير الأمية..  لكن، "العدالة و التنمية" يكفيه أنه يحاول، بل هو يشق سبيل الفلاح في محاولته: إذ يقض مضاجع المفسدين (بحاله قبل مقاله) و يستنفر خطابه طغمة الأعيان و المتنفذين و يهجس لفكرته الإصلاحية حزب "البؤس" الذي تلطخ بمخازي المخزنة منذ نشأته في ثمانية بعد ألفين (2008)..
ختم نجل الرئيس التركي رسائله قائلا: نحتاج إلى قادة واثقين بأنفسهم، فخورين بدينهم و هويتهم. قادة يغشاهم الإيمان بربهم و يملأهم الحب لرسولهم (صلى الله عليه و سلم) و الحب للإنسانية جمعاء. لا تهتموا بما يقوله الناس فيكم بل ركزوا على ما يراه الله جل في عُلاه منكم.







0 التعليقات

إرسال تعليق