| 5 التعليقات ]





يُثار على الساحة السياسية والثقافية والدينية بقوة موضوع المرأة، وخاصة بعد أن تم إقرار مبدأ المناصفة في الدستور الجديد. ويتنازع اليوم قضية المرأة تياران متضادان متطرفان بعيدان كل البعد عن تعاليم الإسلام السمحة الوسطية المعتدلة التي أتت بالخير للبشرية عامة وللمرأة خاصة..
من الحقائق البديهية في الإسلام أن المرأة كائن إنساني، له روح إنسانية كالرجل. (يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء). فهي إذن الوحدة الكاملة في الأصل والمنشأ والمصير (فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض)، والمساواة الكاملة في الكيان، تترتب عليها كل الحقوق المتصلة مباشرة بهذا الكيان..*
بعد هذه التوطئة القصيرة عن مكانة المرأة في الإسلام، سنحاول أن نبين بعض معالم رؤية التيَّارَيْن المتطرفين للمرأة..
التيار الأول هو الاتجاه المتشدد والمتنطع الذي ربما لم يسمع بأقوال وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، التي تؤكد دائما على اليسر والتيسير والتنذير من التعسير ومن ذلك قوله (إن الدين يسر ولن يشَادَّ الدين  أحد إلا غلبه). هذا التيار الأخير يزعم أن المرأة أدنى مرتبة من الرجل؛ لا تصلُح للعمل خارج البيت سواء في الميادين الاجتماعية أو الثقافية أو السياسية.. ربما فهم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم (النساء ناقصات عقل ودين) فهما مغلوطا ومشَوَّها. لم يكتف هذا التيار بهذا فحسب، بل حاول أن يبتخس المرأة حقوقها المكفولة في الشرع الإسلامي الحنيف، فلن تجد له خطابا إلا ويكون دعوةًَ للتهميش والانتقاص من مكانة المرأة ودعاية لهضم حقوقها وحرياتها.. أحيانا باسم الدين أو العرف أو التقاليد. حتى حريتها في اختيار شريك حياتها حرموها منها (مثال لإبراز ذلك، في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم أتته امرأة وأخبرته بأن أباها أراد أن يرغمها على الزواج بابن عمها وهي رافضة له، فلم يُجِز عليه السلام ذلك. فأخبرته بأنها أرادت فقط أن تُعلم النساء حقوقهن المكفولة). وكذا حريتها في اختيار لباسها الإسلامي منعوها من ذلك؛ حيث فرضوا عليها عُنوة النقاب الذي ما هو إلا فضيلة وليس بفريضة كما يقول فضيلة الدكتور الشيخ فريد الأنصاري رحمه الله، وكما يبين ذلك حديث الرسول صلى الله عليه وسلم إلى أسماء بنت أبي بكر. والذي يُثير الباحث في نمط التفكير  عند هذا التيار هو دواعي التضييق على المرأة، هل هو حب الرجل للسلطوية والاستبداد والاعتداد بالرأي ظنا منه أنه كامل لا يحتاج لمن يتكامل معه؟ أم أنه فهم خاطئ مغلوط للنصوص الشرعية؟
التيار الثاني هو التطرف المضاد الذي يفتري على دين الله ويزْعُم أن الإسلام قَيَّد المرأة بالزي الشرعي ـ الحجاب ـ وبدعواته إلى العفة والطهارة  والإحصان والحشمة.. هذا الاتجاه الذي يسمي نفسه زورا وبهتانا  “التيار الحداثي”، والحداثة والعلم بريئان منه براءة الذئب من دم يوسف، فهو مازال يَتيهُ في غياهب الجاهلية والضلال، بدليل قوله تعالى: (ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى).
هذا التيار، وللأسف له نظرياته وأجنداته، يتزعمه رجال هَمُّهم فرجهم، وبتزكية من النساء المخدوعات بجاذبية كلمة “التحرر” والمقولات الرنانة في آذانهن عن المساواة الكاملة مع الرجال، رغم الاختلاف البيولوجي وخصوصية كل جنس على حدة. وأي مساواة تلك التي تصبح فيها المرأة شيئا، تكريسا لمنطق المرأة الجسد؟ وأي مساواة تلك التي تُحرم فيها المرأة من تغطية جسدها، والحرية تعطى للرجل في ذلك. ولعل أبرز مثال على ذلك ما تتعرض له المرأة من أبشع وأقذر أنواع التَّشْييء في الإعلام الذي يسيره المحسوبون على التيار “الجاهلي الذي يدعي الحداثة ” في ربوع العالم الإسلامي؛ حيث يتم تسليط الضوء على جغرافية الكيان الأنثوي، فيتم فرض لباس كاشف على المذيعة أو غيرها.. لا يستر لا النحر ولا الصدر، فيبين بشكل صارخ مفاتنها، أو يتم تلبيسها عنوة لباسا لا يكاد يبلغ الركبتين، أو لباسا لاصقا بالجسم كأنه جلدها ليزيد ذلك من إبراز معالم الجغرافيا الأنثوية، أو يتم صباغة وجهها بمساحيق وأدوات الزينة لتتزين للمشاهدين لا لبعلها. (ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن)، وهذا إعلان منذ البداية للهزيمة من طرف المرأة التي تضيف إلى خلقتها أصباغا كأنها شوهاء والله خلقها في أحسن تقويم. (ولقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم). كل هذه التلوينات والتلبيسات تحشر المرأة المسكينة المقهورة في زمرة “الكاسيات العاريات”. فليت شعري، نجد وعيا لدى المرأة المسلمة بالمخططات الجهنمية التي تُدبر لها، لإبعادها عن تعاليم شرع ربها، واستغلال أنوثتها.
ليت شعري، يعي شباب الأمة الإسلامية، المؤامرة التي تحاك ضده، بجعله مستجيبا  لغواية النساء المتبرجات، بجعله أسير فرجه، سجين ثقافة الجنس والشهوة.
خلاصة القول، أن الحل الأمثل لقضية المرأة هو الإسلام الذي يكفل لها حقوقها الطبيعية بعيدا عن تنطع “التقليديين” وإباحية “مدَّعو الحداثة” .



* من كتاب'' شبهات حول الاسلام '' للمفكر الاسلامي محمد قطب .

5 التعليقات

غير معرف يقول... @ 30 أكتوبر 2011 في 8:40 ص

اوافقك الراي أخي أيوب ..
فعندما نجد شخصا سهرت على تربيته امراة عظيمة - امه - و حرصت على تدريسه و اعطته كل حنانها و عطفها .. وبعدما يكبر يصبح من الرافعين شعار - النساء ناقصات عقل ودين - وهذا ما ذكرته في بداية موضوعك -التيار الأول - ... أما عن التيار الثاني ..فذاك هو هدف الإعلام ولا حول و لا قوة إلا بالله ، وكما قلت فإن الحل الوحيد لقضيه المرأة هو الإسلام فهو من يعطيها حقوقها و يحميها من التيارات الفاسدة و الشعارات الرخيصة ..
ما أروع ما خطت أناملك اخي .. موضوع اكثر من رائع .. جزاك الباري ..
أختك هاجر الرويبعة ..

Unknown يقول... @ 30 أكتوبر 2011 في 9:51 ص

اوفقك الراي جميل جداااااا

غير معرف يقول... @ 30 أكتوبر 2011 في 12:55 م

الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى وبعد لا يسعني إلا أن أن أشكر الكاتب والمدون الرسالي الكبير أيوب بوغضن والذي أبهر المواقع الإلكترونية وشخصيات أخرى بمقالاته الفكرية والراقية بحيث يخوض في مواضيع أكثر أهمية في مجتمعاتنا الإسلامية والعربية ،ما أثار انتباهي هو أن هذا الكاتب المتواضع لربه لم يظهر إبداعه هذا إلا في الآونة الأخيرة فنلتمس منه أن يوضح لنا السبب ،سبب تأخره في نشر هذه المقالات وسبب إصراره الآن على الكتابة والمواصلة في هذا المجال!!

غير معرف يقول... @ 1 نوفمبر 2011 في 11:14 ص

صحيح و ألف صحيح و ليس للخطأ فيه مكان .
بارك الله فيك أخي في الإسلام

عمر أنجار يقول... @ 9 نوفمبر 2011 في 10:53 ص

موضوع جميل أخي أيوب لكن يجب هذان التياران بينهما تيارات أخرى إما تميل أو تقترب من هذاأو تقترب من =اك والكل على خطأ وضلال سبيل.لأن الحرية المطلقة أو النسبية للمرأة كما يدعوا البعض ليست إلا معول واحد لهدم قيم البشر الذي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن ينزل إلى منزلة الحيوان أو أدنى من ذلك كما يدعوا بعض العلمانيين الملحدين.أما التيار المتشدد الذي يصف المرأة بأن لا مجال لها في الحياة سوى البيت فله نسبة من الصحة من جانب وإن كنا لسنا معه لكن الضرورة التي تفرضها علينا المهمة المعلقة على عاتق المرأة هي التي تفرض وقولرها في البيت لا على سبيل الحبس بل على سبيل مهمة عظيمة موكولة إليها من طرف الشارع الحكيم وهو العناية بزوجها وببيته وأولادهما ونحن لا نرى في هظا الزمان الخلل الذي حصل من هذا الجانب في التربية الناقصة والغير السوية الأبناء مجتمعنا وإن كنا لا نعزوا الخلل الواقع فقط إلى المرأة وحدها بل هناك أسباب أخرى متظافرة بجنبه

إرسال تعليق