| 4 التعليقات ]






في هذه الأيام تحل على  كل إنسان يعيش في هذا العصر ، يتمثل معاني الإنسانية ، ذكرى الغطرسة الصهيونية التي لحقت قطاع غزة و الشعب الفلسطيني الأعزل  . هذه الذكرى الثالثة ، إذ تحييها الأمة الإسلامية ، على وجه أخص ، وسط تغيرات جذرية و نوعية مست كيان الأمة برمتها .
منذ أن وضعت الحرب على غزة  أوزارها ،  تهافت المحللون على تفسير نتائج الحرب للإجابة على أسئلة مؤرقة للجماهير مازال الغموض يكتنفها ، فرغم الأرقام القياسية التي حطمتها آلة الحرب الصهيونية من شهداء و جرحى و أمهات ثكالى و أرامل .. ، إلا أن السؤال مازال قائما ؛  من المنتصر و من المنهزم  ؟
لا ريب أن العدو الصهيوني لم ينتشي نخب النصر ، و كيف له ذلك و غزة على حالها  ، حماس على قوتها ،  تقارير '' جريمة ضد الإنسانية '' على أحر من الجمر ، المظاهرات الساخطة تعم أرجاء المعمور ، أوراق '' السلام '' المزعوم أصبحت بالية ... ؟ و لا يختلف اثنان ، في أن الخبراء العسكريين الصهاينة ، يعيشون ارتباكا حقيقيا ؛ بعد أن ذهبت حرب جنوب لبنان '' تموز '' و حرب غزة أدراج الرياح !
و في المقابل , يظهر أبطال  المقاومة  بكل عزة و إباء , يحتسبون الشهداء عند ربهم  و ينتظرون اللحاق بهم ,  يصرون على الاستمرارية و مواصلة مشوار النضال  في ساحة الوغى '' النصر أو الموت '' ,  لا يرهبهم تصريح صهيوني  جبان و لا  وعيد  أي خائن عميل . منذ اليوم , عاهدوا ربهم  , على أن تكون حياتهم  للأقصى الأسير , على و لائهم للجهاد في سبيل تحرير مسرى النبي الأمين . بقوة الإيمان بمآل الشهداء , سخروا حياتهم ثمنا لحرية فلسطين و من أجل الشهادة في موطن الأنبياء و المرسلين . و بالتمثل لآيات الرحمان , المتكلمة بالوعد الصادق و الحقيقة التي لا يعرف التاريخ غيرها ( فإذا جاء وعد الآخرة ليسوءوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيراً ) , تأكدت كوادر المقاومة , أن تحرير الأقصى آت و كل آت قريب , و ما عليها إلا أن تشمر على ساعد الجد لعلها تنال حظوة وتكون لها يد في هذا التحرير المبين .

بعد  هذه التوطئة القصيرة , أصبح واضحا أن المنتصر من الحرب '' الغزاوية '' هو الشعب الفلسطيني الأبي و مقاومته الباسلة و هذا لا ينكره إلا جاحد , و مهما حاول البعض تغطية الشمس بالغربال , بإعتماد تحليل الأرقام لنتائج الحرب , فإن الإنتصار واضح , خصوصا و أن تلك الحرب تنعدم فيها أبسط الشروط  من توازن في القوى ;  حيث هناك شعب أعزل في مجابهة مع كيان مدجج بأعتى الأسلحة  و مدعوم من طرف أعتى القوى المستكبرة في الأرض , أضف إلى ذلك ,  الحصار الذي يتعرض له الغزاويون , بمباركة من النظام المصري المخلوع و بمباركة من القوى الدولية , التي تدعي أنها وصلت إلى أرقى القوانين و أعدل النواميس , و كيف ذلك و هي تبارك إبادة  شعب كامل و حرمانه من أبسط الحقوق !!

إعتقد الكثير من المتتبعين للقضية الفلسطينية أنها وصلت إلى طريق مسدود , خصوصا أصحاب التحليل الرقمي للحرب الأخيرة , بعد التاريخ الأسود للحكام العرب و مسار تآمرهم على القضية , غير أن الرياح جاءت بما تشتهيه السفن هذه المرة , بعد أن أصبح الفجر يلوح و صارت الشعوب تتحرر من الطواغيت العميلة لبني صهيون و الأمريكان . فتبين أخير للمتتبع أن ضريبة الصمود أهون من ضريبة للاستسلام .

فبات جليا أن الأوضاع الإقليمية تغيرت خلال السنوات الثلاث التي خلت , و أن أرشيفا حافلا من الأحداث صار لصالح القضية الفلسطينية , و لعل أبرزها , حسب اعتقادي , وصول الحركة الإسلامية في الآونة الأخيرة إلى سدة الحكم و تسلمها لمقاليده في بعض البلدان الإسلامية . و هذا الحدث ليس بالهين , فالحركة الإسلامية هي التي تقف مع المقاومة في فلسطين قلبا و قالبا , هي  التي تمدها بشحنات من الدعم المعنوي , هي التي تكرس منطق التفاؤل و أنه مازال هناك خير كثير في هذه الأمة . لكن الآن ذلك الزمان قد ولى , و السؤال المطروح ما هو الدور المنوط بالحركة الإسلامية بجميع مكوناتها   حاليا بعد أن صارت تملك زمام الأمور ؟

انتهى زمن الخطابات الرنانة و المقالات الفياضة غيرة على القضية الفلسطينية و مستقبلها و مركزيتها في الأمة , انتهى ذلك الزمن ليبدأ آخر و هو تطبيق ما جاء في تلك الكتابات و الخطابات و الدعوات التي كان موجهة بالأساس إلى الحكام و الشعوب , و بما أن أصحاب تلك الدعوات الغيورة على الأقصى الأسير  أصبحوا حكاما فما عليهم إلا أن يُفَعِّلُوا تلك الأفكار و يترجموا تلك الحلول على أرض الواقع , و في كتابات المفكرين الإسلاميين فيض من غيض من أحاديث جمة عن هذه القضية ; الشيخ يوسف القرضاوي كثيرا ما تناول قضية فلسطين , فتحي يكن , فهمي الهويدي , محمد الغزالي , راشد الغنوشي , طارق السويدان ...

إن أول شيء يجب أن يبدأ به الحكام الجدد هو وقف التطبيع بجميع ألوانه مع هذا الكيان العدواني الغاصب لأرض ذات وقف إسلامي , و لا ريب أن هؤلاء الحكام كثيرا ما نهلوا من معين الكتابات التي ذكرناها آنفا , بل منهم أصحابها ( راشد الغنوشي مثلا في تونس  ) و بالتالي فهم عالمون بمخاطر التطبيع و كيف جنى على الأمة , و يصدق عليهم مثل '' أهل مكة أدرى بشعابها ''.
ثانيا , إعادة ضخ حس الانتماء إلى القضية الفلسطينية في شرايين المجتمع و توسيع الحاجز النفسي الذي يوجد بين الأمة المسلمة و اليهود الصهاينة , و الذي يسعى الكيان الصهيوني جاهدا لتقليصه ; و ذلك عبر ترك الحرية لكل نشاط  سواء المظاهرات أوالملتقيات الكبرى و غيرها يسير في اتجاه دعم القضية , كما يمكن ذلك عبر إثارة الموضوع في وسائل الاعلام ( الرسمية خصوصا ) و عبر المناهج الدراسية التعليمية بتدريس تاريخ الصراع الاسلامي-الصهيوني و بشاعة الجرائم الصهيونية التي لم يشهد التاريخ مثلها مع  التأكيد مرة أخرى على أنه  صراع وجود لا صراع حدود .
ثالثا , دعم و نصرة المقاومة الباسلة بالنفس و النفيس , ماديا و معنويا , كما كان الأمر سابقا أو أكثر من ذلك . على الأقل للتخفيف على كوادرها  من  اشدة الطعون التي يتلقونها من الخلف سابقا من الحكام الطغاة السابقين عملاء الصهيونية العالمية .
رابعا , توحيد صف الأمة الإسلامية والدفع من أجل   وحدة القرارت المتبناة تجاه مستجدات القضية لتطويق عنق الكيان الصهيوني بحبل واحد .
خامسا , على الحركات الإسلامية أن تحذو حذو النموذج التركي  ; و ذلك بوضع الاقتصاد نصب عينيها و السعي لتطويره , لتكسب تعاطفا شعبيا أكبر يمدها بمزيد من الثقة أثناء اتخاذ قراراتها , و لتصبح قوة معتبرة دوليا '' يتذلل'' الكيان الصهيوني للتعامل معها , فلا يستطيع !
سادسا , على الحكام الجدد احتضان المقاومة الفلسطينية , بعدما سقط القناع عن النظام الدموي اللاإنساني السوري , الذي بينت الأيام أنه كان يستغل اسم '' الممانعة '' و '' المقاومة'' أبشع استغلال لتغطية وجهه القبيح .
سابعا , الاستجابة لمطالب الشعوب المتمثلة في نسف المعاهدات الجائرة التي أبرمها  العدو مع الأنظمة المستبدة المخلوعة التي لا تمثل إلا نفسها , و هذا واضح وضوح الشمس في رابعة النهار بأرض الكنانة و الأردن ...

إن أمام الحركة الإسلامية في ربوع العالم الإسلامي  فرصة ذهبية  لإيجاد حل إسلامي لا استسلامي للقضية الفلسطينية , و عليه فإنه يتوجب على الحركة أن تقوم بالدور المنوط بها كي لا تخطئ موعدها مع التاريخ .

4 التعليقات

أسامة . oussama يقول... @ 28 ديسمبر 2011 في 3:33 م

مقال جميل و جيد لكنه يتكلم عن شعب خيالي و عن قضية خيالية ، القومية سبب كل ما حدث و يحدث لا شيء اسمه فلسطين للأسف ، هناك وطن اسلامي واحد موحد و أمة اسلامية رايتها موحدة سوداء عليها عبارة بيضاء توحد الله و تشهد للممصطفى بالنبوة ، لا وجود للمغرب ، تونس ، اليمن ، لبنان ، باكستان ، هناك اسلام واحد ، متى سنستفيق ؟

عبد الله المنقوش يقول... @ 28 ديسمبر 2011 في 11:01 م

تماما ايوب لقد اصبت كبد الحقيقة فقد كانت القضية الفلسطينية ولا تزال وستضل الهم الشاغل للحركة الاسلامية وللشعوب الاسلامية على مر الزمان حتى تتحرر من براثن العدو, وق مر على الاسلاميين حين من الدهر لاحول لهم ولا قوة لمناصرة الشعب الفلسطيني الا ما يملكون وقتذاك من حناجر تعلو بالهتاف في الميادين او شيئ من التبرعات التي يجمعونها, اليوم وهم على راس هرم السلطة فهم ليسوا معذورين من اتخاذ قرارات ثقيلة ان على المستوى الدولي او الاقليمي من اجل تحريك عجلة القضية نحو مزيد من التحرر, اما الشعوب فاعتقد انه عندما تتخلص مما تبقى من الطغاة الجاثمين على امرها منذ عقود فانها ستتجه مباشرة لتحرير القدس . وقد جاءت اولى البشائر من هذا القبيل من ميدان التحرير بمصر لما اقتحم الشباب الثائرون السفارة الاسرائلية واخذوا الحق بايديهم يوم ان اهينت كرامة جنودهم, اما اسرائيل فقد قرات الواقع جيدا ولذلك فهي عبرت اكثر من مرة عن انزعاجها من هذه الثورات ولكن ما باليد حيلة.

غير معرف يقول... @ 31 ديسمبر 2011 في 6:26 ص

مقال جيد وطويل إلا أنه لايناسب مستواي الثقافي المتواضع (ماكانعرفش نقرا)
هه

المحرر العقلي يقول... @ 31 ديسمبر 2011 في 1:35 م

أخي لا تنتظر شيئا من الحكام العرب الجدد ، فهذه الثورات التي نصبتهم ، كانت نتيجة خطة ماسونية محضة لا تمت بصلة بما يسمى #قوة الشعب# ، فنحن نتحدث عن قوة عالمية كبرى و عملاقة ،هم يتحكمون في أي صغيرة و كبيرة هم يتنبأون بالمستقبل و يعرفون خباياه قبلنا بعشرات السنين هم وصلوا الى درجة من القوة و الهيمنة و الحاكم الذي يضع مشاريع لا تتماشى مع مصالحم يقومون بتصفيته و هذا ما يجعلنا فاقدين للأمل لأن أي طريق سلكناها تقودنا للباب المسدود و أنصحك بأن تعمق فهمك بالماسونية.
هذا احد المنتديات الجديدة التي أنشأتها لنكون مع الأعضاء قوة شبابية تستطيع الحد من درجة التواتر الماسوني و تعميق الوعي لدى الشباب بالاضافة الى أن مشاهدة سلسلة القادمون او عصر الاستيقاظ لن يكفي لمعرفى الحقيقة التي تطل على الخيال.

إرسال تعليق