| 12 التعليقات ]




استفحلت في أوساط  التلاميذ ظواهر عديدة لا تمت للإسلام بصلة و هو منها  براء ؛ أصحاب هذه الظواهر المتنامية بشكل كبير ، يعلنون أمام الملإ أعمالهم و أفكارهم الشاذة التي جاءت نتيجة فراغ فكري و ثقافي لديهم  . فقد ظهرت دعوات إلى الميوعة ، إلى الانحلال الخلقي و إلى السفور ... 

الذكور أغلبهم لا يعرفون المساجد و لا يمرون ببابها إلا عند الذهاب إلى الدكاكين التجارية ! لا يؤدون من الصلوات إلا صلاة الجمعة إن أدوها .. ربما لم يسمعوا بحديث المصطفى صلى الله عليه و سلم : '' العهد الذي بيننا و بينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر '' أو ربما سمعوه و تجاهلوه ، ملابسهم هي الأخرى تخنثت ، الشَّعْر عندهم أصبح كالعوسج ، الحياة لديهم هي الأغاني ، هي العربدة ، هي المجون ... لا دين تشبثوا بأذياله و لا دنيا عملوا من أجلها ، لا يعرفون للوقت قيمة ، و قد صدق الرسول صلى الله عليه و سلم حين قال : '' نعمتان مغبون فيهما العبد الصحة و الفراغ '' ، طلب العلم لدى هؤلاء ـ الغلمان ـ هو آخر ما يمكن التفكير فيه . و لنا أن نتساءل أ هؤلاء الذين سيكونون غدا قادة هذه الأمة  المجروحة التي يتربص بها الأعداء من كل جانب ؟ أ هؤلاء الذين سيحملون القوامة عن النساء ، كما جاء في قوله تعالى : '' الرجال قوامون على النساء '' .

هذا تصوير مصغر لحال التلميذ المغربي ، لحال هذا الشاب الضال التائه في غياهب الجب . لكن ترى هل سيكون حال فتيات أمتنا أفضل من حال أولادها ؟

أكيد أن الإجابة بالنفي حيف و جور في حق الإناث ؛ فهن اللائي ينشطن في الدراسة ، ربما هن القوامات بعدما اندثر القوامون ! على الأقل هن كسبن الدنيا ، على الأقل هن ممن لا يسقطن في عينيْ أحد الصحابة الكرام الذي قال : '' أنظر إلى المرء فأجده لا يعمل لا للدنيا و لا للآخرة فيسقط من عيني '' .

لكن أين معضلتهن ؟ ها هن ضمنن  دنياهن ، ها هن عِشْنَ في رخاء .. ما المآل ؟ هل لهيب أبدية تنتظر مَن تتغذى به ؟ أم جنان فيها ـ ما لا عين رأت و لا أذن سمعت و لا خطر على قلب بشر ـ ينتظرن ضيوفا من عباد الرحمان الأتقياء ؟

الأغلبية من الفتيات حاليا يدرسن ـ أعني بالدراسة الاهتمام بها و التفوق فيها و ليس الاستيقاظ باكرا و الذهاب صباح مساء إلى المؤسسات التعليمية ـ لكن المشكل يكمن في انحلال '' بعضهن '' ، في تنامي العري عندهن ، في لباسهن الضيق المحدد لعوراتهن ،في لباسهن الشفاف الذي  يشف عن ما تحته ، في لباسهن القصير الذي يستر بعض الجسم و يكشف عن البعض الآخر . ألم يسمعن حديث المصطفى صلى الله عليه و سلم ، قبل أربعة عشر قرنا : '' { صنفان من أهل النار لم أرهما } وذكر منهما: { نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا }. '' ؟

أ هذا هو هدفهن الأسمى في الحياة أن يلبسن لباسا كاشفا فاضحا ، لا لشيء ، إلا ليظهرن بمظهر زينة و تبرج و يتنافسن على الفجور ؛ مرورا بمساحيق التجميل و الملابس اللاصقة بالجلد مع التمايل في المشية في الشوارع  و داخل المؤسسات ؟ ألم يعِينَ بعد أن تلك المظاهر المائعة هي تكريس للمرأة ـ الجسد و المرأة ـ الشيء ، و تفسيخ للدور المنوط بالمرأة في المجتمع و الغاية و الوظيفة النبيلة  التي خُلقت من أجلها وهي عبادته تعالى باعتبارها كائن إنساني ( و ما خلقت الجن و الإنس إلا ليعبدون  .(
هل يردن بلباسهن المتميع أن يكن عرضة للعيون الجائعة إلى ما حرم الله تعالى !! هل يُردن إثارة حفيظة التلميذ أو الشاب الذي ينقاد لشهواته و يعبد هواه ، إلا من رحم الله ؟

أسئلة تلو أخرى تحتاج للأجوبة الشافية عند التلاميذ ذكورا و إناثا ؛ فأعمال كليهما من تسكع و انسلاخ عن الهوية من حيث اللامبالاة لدى الذكور بأسس الحياة و التبرج و العري و الميوعة لدى الإناث ؛ فكلاهما وجهان لعملة واحدة و هي الغزو الفكري ، الاستعمار الثقافي الغاشم الذي داهمنا قبل أن نستعد له أو نفطن حتى لوجوده . هذا الاستعمار الذي لم يستطع تحقيق مآربه عسكريا أي بطريقة مباشرة ، فاستطاع  ذلك و نجح عن جدارة و استحقاق في السبل الغير مباشرة فاحتل عقول الشباب بدء ا بالتلاميذ ، فحلها من عقال و حبال الإيمان به تعالى و عبادته و خشيته و الاستعداد للقياه .
 إذن ، بعدما عرفنا داءنا و هو الفساد الأخلاقي ، فلنبحث له عن داء و ترياق مضاد له ، أكيد أنه يبدأ من '' الإصلاح الثقافي '' : إصلاح الثقافة  و الأفكار التي استوردناها من غيرنا حتى صرنا منسلخين من هويتنا الإسلامية الأصيلة و من أعرق حضارات الإنسانية .

و هنا تبدأ معركة التدافع من أجل القيم ليعود التلميذ المغربي مرفوع الرأس معتز بهويته منفتح على غيره لكن دون الذوبان في ثقافته . أ يُعقل أن تتنادى في الغرب دعوات تصيح  بالفصل بين الجنسين في المدارس و الكف عن أشكال إثارة الغريزة ، و في المقابل نسير نحن إلى المزيد من الانحلال و نحن أمة القرآن الكريم و تُباع  النبي الأمين صاحب الخُلُق العظيم .

أما الجانب الذي يتعلق بالدراسة ، فلا يمكن ،حسب رأيي،  علاجه إلا بتنمية الشعور لدى التلميذ المغربي بأنه يتتلمذ و يتمدرس لأن  لأن الإسلام فرض عليه طلب العلم ، مصداقا لقوله صلى الله عليه و سلم : '' طلب العلم فريضة على كل مسلم و مسلمة '' ، و جعله من أولوياته ليُحرر العقول من قيود الجهل و الضلال و من عِقَال التقليد الأعمى ، كما تبين العديد من الآيات الكريمة التي تمدح العلم و العلماء و تطرح سؤالا استنكاريا في مساواتهم بالجهلاء. ( قل هل يستوي الذين يعلمون و الذين لا يعلمون ). و يكفي طالب العلم من العلم فائدة أن يُيَسِّر له سبل الوصول إلى مُرْتجى المسلم في الدُّنيا ، مصداقا لقوله عليه الصلاة والسلام : '' من سلك طريقا يلتمس فيه علما سَهَّل الله له به طريقا إلى الجنة ''.

ويبقى رهاننا الأكبر بعد معركة القيم ، تكوين إحساس الإنتماء إلى جسد واحد هو الأمة الإسلامية ، لدى التلميذ المغربي ، و الاهتمام بقضايا الأمة  و نصرة الشعوب المستضعفة و اعتبار الصراع مع العدو الصهيوني و أذنابه من بني جلدتنا صراع وجود لا صراع حدود .

12 التعليقات

غير معرف يقول... @ 11 ديسمبر 2011 في 1:55 ص

تبارك الله عليك اسي ايوت مقال في المستوى وينم عن كاتب للمستقبل

صالح المنقوش يقول... @ 11 ديسمبر 2011 في 2:33 ص

مقال جميل أرجو أن يقرأه كل شاب ويستوعبه جيدا.
وكله يعبر عن الواقع: 1ـ إضاعة الصلاة. 2ـ عدم الاهتمام بالتعلم. 3ـ التفسخ والتخنث. معضلات كثيرة انتشرت. ولكن الذي يحز في النفس أن تعليمنا الذي ينتظر منه الإصلاح هو الذي ساعد على نشرها.
والذي يحز في النفس أكثر من هذا أن نجدها تنتشر بين طلبة التعليم الأصيل والعتيق أيضا.
فكم رأيت منهم يعلق سلاسل في الأعناق أو في الأيدي أو كليهما. واقتصرت على ذكر هذه فقط لأنها تدل على المعضلات الأخريات. وقد يصاحبها ما هو أكبر وأعظم.
شكرا على الموضوع. شكرا شكرا.

moussi يقول... @ 11 ديسمبر 2011 في 10:52 ص

عندي حل ...هو القضاء على الفراغ

Taib يقول... @ 11 ديسمبر 2011 في 2:31 م

يا سلام مقال ولا أروع من حيت المضمون و من حيت التعبير
واصل عملك أخي أيوب

المهدي الصالحي يقول... @ 12 ديسمبر 2011 في 1:01 ص

بارك الله في يراعك أخي أيوب، واصل تألقك وابدأ بمراسلة بعض المواقع أو المجلات لتنشر لك، فأسلوبك جميل وواضح. على أنه تنقصك بعض المحسنات البلاغية التي يجمل بك أن تتدرب عليها، وفقك الله.

أيوب بوغضن يقول... @ 12 ديسمبر 2011 في 11:00 ص

شكرا أستاذنا الكريم سي مهدي على همساتك الرائعة.

Unknown يقول... @ 12 ديسمبر 2011 في 12:59 م

رائع الله ينورك ويحفضك :)

عبد الله المنقوش يقول... @ 12 ديسمبر 2011 في 2:54 م

شكرا للكاتب ايوب بوغضن على هذا المقال الجيد في الحقيقة واقع الشباب اليوم لا يمكن ان نحمل فيه المسؤولية للشباب وحدهم, لماذا؟ لانهم ببساطة كما ورد في المقال ضحايا سياسة منتهجة في دولنا العربية تسعى الى الاستجابة لاملاءات الغرب.والضحية في غلب الاحوال لا يقوى على ان ينتشل نفسه. فعلى امتداد سنوات طويلة هناك قرار سياسي متحكم في التعليم والاعلام والثقافة كان يعمل عمله في الانفس والعقول. هذا القرار لا يملك الشباب تغييره لانه فوق طاقتهم الا من رحم ربك واستطاع ان يعي ان المهرجانات على سبيل المثال هي سياسة ترمي الى تغييب الوعي والضمير لتبقى دار لقمان على صبغتها وبالتالي يتيه الشباب فلا يفكر في التغيير, وهنا تكمن اهمية الانخراط في الهيئات الدينية او الجمعيات الثقافية فمثلا ابناء الحركة الاسلامية يختلفون عن عامة الشباب لانهم يكتسبون مناعة ضد المؤثرات الفكرية من خلال الجلسات التربوية والانشطة الدينية التي يقومون بها.

اسامة يقول... @ 15 ديسمبر 2011 في 11:13 ص

ماد فعلت ياايوب في محيطك للقضاء على هده الظواهر؟هل نشر المقالات كفيل بحل هده المشاكل؟هل شباب اليوم لديهم الوقت لقراءة هده الموضوعاتا؟فمابالك الاتعاض؟

Soulaymane Amansag يقول... @ 5 فبراير 2012 في 1:41 م

Jamiiiil akhi Ayoub . Jazaka laho khayran.

Soulaymane Amansag يقول... @ 5 فبراير 2012 في 1:47 م

السلام عليكم . اخي أسامة ، عذرا اخي لكن عندي رد على كلامك .
درب الاصلاح واحد ، لكن الطرق متعددة فكل على قدر استطاعته .
فانت تحاول جاهدا الاصلاح بطرقك و ايوب بطرقه و كل له طرق .
و السلام

أبو النعمان محمد أمين يقول... @ 13 أبريل 2012 في 4:20 ص

بسم الله الرمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين أما بعد بادئ ذي بدء أود أن أحيي التلميذ الغيور على مدرسته و اعداديته وثانويته ليس على جدرانهاو أقسامها بل ما تحمله من فلدات أكبادنا على الدين يحملون كراساتهم متجهين الى المدارس ويتحدون كل الصعاب من أجل تحصيل العلم وخصوصا اخواننا بالعالم القروين الدين يعانون معاناة قاسية في سبيل هدا العلم ولكن السؤال الدي ينبغي لكل تلميذ وطالب أن يطرحه على نفسه أي علم أبحث عنه و أهدر من أجل تحصيله الأوقات والأموال و الطاقات أعلم ينفع صاحبه في الدنيا والاخرة وينفع به أمته أم علم يضل صاحبه ويضل به أمته (أرى أني بعيد شيئا عن الموضوع)فأما عن معاناة التلميذ داخل الوسط المدرسي الذي هو عنوان هذا المقال فأرى أنها شرارتها الأولى تبدأ مع الأسرة ثم ينتقل التلميذ فارغ الوفاض من أي فضيلة تذكر الى أين الى رحاب المدرسة كيف تتصورون معاملة هذا التلميذ مع زملائه مع أساتذته الذين هم أيضا لم يسلموا من أصابع الاتهام فهم مسؤولون أيضا عن سوء المناهج التربوية التي أغرقوا بها المؤسسات التعليمية قلت المناهج التربوية ولم أذكر التعليمية لأنها أيضا تحتاج الى اعادة نظر و وقفات طويلة لتصحيح مافسد منها وما تجاوزه الزمن ولأننا أيضا نخاطب العقلاء الذين فهموا واستوعبوا خطاب الوزارةالذي تبنته المسؤولة عن هذا التخبط والتعثر ببرامجها الاستعجالية الرديئة التي تزيد الطين بلا اسمها وزارة "التربية"والتعليم اسم جميل وفضفاض هذا ما ألفناه من مجتمعنا من كثرة المجاملات فالتربية أولا قبل التعليم وهل لامسنا حقيقة هده التربية في مؤسساتنا أم أنها مجرد شعارات الا من رحم الله فهذا اشكال كبير يجب أن يستدرك والغريب أنها وزارة تدعو الى التربية وقلصت من ساعات التربية الاسلامية في المقررات الى ساعة واحدة يا عجبا أساعةواحدة يا اخوان العقيدة تكفي لتربية الأجيال و لتعلم أمور دينهم عقديا و أخلاقيا وتربويا المادة التي كان الأصل فيها أن تأخد حصة الأسد من المقررات لانقاد ما يمكن أن ينقد ويصحح من مشاكل تربوية وسلوكات لاأخلاقية تحز في النفس داخل المنظومة التعليمية بل فلربما تمنى بعضهم الذين ينسبون الى هذه المنظومة لولا أن تزال مادة التربية الاسلامية بالكلية انها المخططات الغربية الذين يتدخلون في تقرير المقررات وتدريسها بلا اذن ولا أدب فماذا ننتظر من مقررات يصدرها من احتلوا موقع الصدارة في الرديلة و التفسخ الأخلاقي الذي تعبوا في البحث عن حلول له لأنهم ظلوا السبيل وبعد هذا يصدرون لنا تلك المقررات التي جربوها مرارا فلم تؤت أكلهالتعم البلوى حتى أبناء المسلمين طبقا لقول من قال اذا عمت هانت وأختم باثر نقل الينا من طريق أم مالك رضي الله عنهم جميعا لما أرسلته لطلب العلم عند شيخه ربيعة الرأي قالت له هذه الأم الفاضلة التي قلت مثيلاتها في هدا الزمان "خد من أدبه قبل علمه" فيا اخواني من التلاميذ و التلميذات الذين ننتظر منهم حمل لواء العلم والأدب و نصرة دينهم ومبادئهم تعلموا الأدب قبل العلم اذا أردتم النجاح الحقيقي وهكذا كان ديدن السلف كانوا يحرصون على الأدب قبل العلم علما أن الأول هو الذي يحتاج الى صبر وثبات ومجاهدة وأستغل هذه الفرصة من باب الاعتراف لأهل الفضل والخير بجميلهم أن الأخ أيوب منذ أول عهد بنا معه وهو يرتاد المساجد وما علمنا عنه الى الخير و الفضل و حسن الخلق و الأدب ولله الحمد نسأل الله لنا وله الثبات والسداد وحسن الختام امين (وأنصحك أن لا تقتصر على نفسك بل أدع الى سبل الخير من استطعت من أهلك وجيرانك و أصدقائك و أحبابك لأن الحب الحقيقي الصادق يكمن في دعوة أخيك المسلم الى الخير والطاعة لتنال بذلك رضى الله وفقنا الله واياك لما يحب ويرضى)

إرسال تعليق