| 5 التعليقات ]






تعرف المدرسة المغربية ، كغيرها من المؤسسات الحية بالمغرب ، هجوما شرسا من القوى المعادية لهوية الشعب المغربي المسلم ، ابتداء من الهجمة الفرنكفونية التي غزت قلاع أحد مكونات الهوية المتمثل في   اللسان و اللغة المغربيين ( العربية و الأمازيغية ) ، والتي مكنت للغة الفرنسية في الحياة المدرسية من التلميذ المبتدئ إلى الطالب المتخرج ، هذا الفيروس  تسرب إلى جسم المدرسة الحرة منذ سنوات  و بدأ يسري مجرى الدم  حاليا في المدرسة العمومية ، و  من المعلوم ، أن الجماعة البشرية قد اتفقت  في أدوات الإنتاج الحضاري على  الرسالة و اللسان و الأمة و الدولة ، و بالتالي فالهجمات المتواصلة على اللسان ما هي إلا سعي لوقف كل تحرك حضاري للأمة المغربية ، و بالإضافة إلى كون النشء ( التلميذ ) عماد الأمة و رجالها في الغد ، فإن الحرب المسعورة على هوية التلميذ ما هي مرة أخرى إلا تكريس لنفس المنطق في قطع السبيل أمام كل نهضة منشودة .
كما تجسد ذلك الهجوم السافر على الهوية في جانب آخر ، أشد خطرا ، و هو ما ترسخه  دعوات التمييع و التغريب التي شنت على المجتمع التلمذي و بدت تنخر كيانه ؛ و قد حمل لواء تغريب الحياة المدرسية النخبة العلمانية ببلدنا البعيدة كل البعد عن نبض الشارع و هموم المجتمع و قيمه و  حضارته الضاربة في أعماق التاريخ ، نظرا للغربة المفرطة لأيديولوجيتها عن هويته .
هذه النخبة العلمانية  عرَّتها الثوراث الدمقراطية في بعض البلدان العربية ، و فضحتها الانتخابات في المغرب ، بما أفرزته النتائج من  بغض الشعوب لتلك النخبة اللادينية التي قامت بالسطو على هويتها و مرجعيتها تحت جنح الظلام ! و بما أبرزته من   مقدار الحقد الدفين التي تكنه الجماهير لكل ما يعادي قيمها و تاريخها و حضارتها .
عرفت الاستراتيجية العَلمانية عدة منافذ تصل من خلالها إلى ما تصبوا إليه من تمييع التلميذ المغربي المسلم و طمس لملامحه الأصيلة ، باعتباره البوابة الكبرى لتفسيخ المجتمع ككل في المستقبل القريب ، حتى تتمكن فيه جرثومة التبعية الذليلة للقوى المستكبرة في الأرض ، تحت شعارات زائفة كتكوين مجتمع متقدم يساير العصر ، تربية النشء على قيم التسامح  و الحرية و الدمقراطية و الحداثة  ... إلى غير ذلك .
هذه الشعارات ، حق يراد به باطل ، فلا أحد يكره التقدم ، و لا يختلف عاقلان عن قيمة الحرية ؛ لكن كل هذه المبادئ فهي من صميم ما تنادي به مرجعيتنا و من ما يؤكد عليه تاريخنا المجيد ، وما تتكلم به حضارتنا السمقة ، فلماذا يراد الوصول إليها من طريق ملتوٍ ، و من طريق الاستيراد الأعمى من الحضارة الغربية بقبيحها و جميلها ؟ مع العلم أن تلك الحضارة لها خصوصيتها ، و تاريخها الأسود الذي انطلقت من ظلماته مستنيرة بما تختار من باقي الحضارات حتى بنت حضارتها اليوم على ما فيها من السوء و الفوائد على البشرية .
لذلك فكل أمة اختارت طريق النهضة لا بد لها من الانطلاقة من تاريخها و تراثها و هويتها و مرجعيتها ، خصوصا أن تاريخنا أبيض ، لا غبار عليه إلا  في القرون الأخيرة حين بدأ الانحطاط ، و مع ذلك يجب أن نستفيد من التجارب المعاصرة ، كي لا نكرر نفس الأخطاء .
و الواجب علينا الاستفادة من الحضارة الغربية  في جانب التعليم و التطور العلمي و التكنولوجي الذي مس كل البقاع و الأصقاع من تفتيت الذرة إلى اكتشاف المجرة . بعيدا عن المنزلقات الأخلاقية التي سقط فيها التلميذ الغربي ، نتيجة سياسات دولته .
إن إيهام الناس بأن الُعري  و العلم متلازمان و أن الأخلاق و التكنولوجيا منفصلان لمهزلة مكشوفة و لخديعة كبرى ، يُكَذِّبها التاريخ الذي يشهد أن أن الحضارة الإسلامية في عصور الازدهار جمعت بين الأخلاق المحمدية و النهضة العلمية في أرقى حضارة عرفتها الإنسانية .
و إن الإصرار على تنميط حياة المجتمع التلمذي المغربي على شاكلة نظيره الغربي تحت ذريعة '' الحداثة المنشودة '' و '' التقدم المطلوب '' لهو ضرب من الخيال و من قبيل أضغاث الأحلام ؛ أولا لأن التجارب لا تتكرر بل تترقى من الحسن في الأحسن ، ثانيا لأن ذلك بمثابة  صفارة إنذار بإعلان إفلاس الحضارة المبتدئة منذ بدايات التأسيس لها و ذلك بإفقادها أحد ركائز النهضة وهي العلم ، لأن الميوعة و الإسفاف و التفكير المستديم في سفساف الأمور و الإشباع الجنسي  و استعراض المفاتن و العورات يُبعد التلميذ المغربي المسلم '' تاريخيا'' و ''جغرافيا ''، عن تقوى الله سبحانه و تعالى ، و شرط العلم عند رب العالمين هو التقوى . قال تعالى : '' و اتقوا الله و يعلمكم الله '' .
كما لا يخفى على أحد اليوم ، أن الحضارة الإنسانية ، بتعبير سيد قطب رحمه الله ، بحاجة إلى قيادة جديدة . و كما قال رحمه الله في مقدمة '' معالم في الطريق '': ( إن قيادة الرجل الغربي للبشرية قد أوشكت على الزوال .. لا لأن الحضارة الغربية قد أفلست ماديا أو ضعفت من ناحية القوة الاقتصادية و العسكرية .. و لكن لأن النظام الغربي قد انتهى دوره لأنه لم يملك رصيدا من '' القيم '' يسمح له بالقيادة ).
قال هذا الكلام منذ ما يقارب نصف قرن من الزمان ، و هو الذي خبر الحضارة الغربية عن قرب حين عاش في أمريكا لمدة من الزمان .
صدَّق التاريخ كلام الأستاذ سيد قطب ، فهاهي اليوم الحقائق تشير إلى درجة السعار الجنسي ببلاد الغرب ، و كيف أصبح هم التلميذ الغربي فرجه . و بالتالي ، فذلك ينذر بأن الإنسانية جمعاء في حاجة إلى بديل ، و لا بديل  إلا التلميذ المسلم ،  الملتزم ، المتفوق ، المبتكر و المبدع .. و بما أن المغرب ، أحد غرف دار الإسلام فإن البشرية في مسيس الحاجة إلى تلاميذه . و لن تكون البشرية يوما في حاجة إلى التلميذ المائع ، عبيد شهواته و نزواته .
و أخيرا و ليس آخرا ( في مجال الصيحات التحذيرية ) ، إن تمييع التلميذ المغربي و تفسيقه و إفراغه من الثقافة الحقة ، لَلَعِبٌٌ بالحديد و النار  ، لجريمة نكراء في واضحة النهار  و لعبث بمستقبل الدولة المغربية و الأمة الإسلامية و الجماعة البشرية على السواء التي تحتاج إلى تلميذ قوي في مجال الأخلاق و مقدام في مجال التطور العلمي ، يحميها من التكور الحضاري.

5 التعليقات

Admin يقول... @ 15 يناير 2012 في 2:32 ص

تحياتي أخي بوغصن

أحمد أمين يقول... @ 15 يناير 2012 في 4:42 ص

مقال ممتاز... أتمنى لك التوفيق..

moussi يقول... @ 15 يناير 2012 في 7:11 ص

وللاسف هدا ما نشاهده في مدارسنا وكل مكان

هاجر رويبعة يقول... @ 17 يناير 2012 في 2:42 م

تماما اخي أيوب وهذه الظاهرة أصبحت منتشرة في مدارسنا كما ذكرت .. - الله يهدي ما خلق -
مقال رائع أخي .. نسأل الله لك مزيدا من التألق و الإمتياز .

Massine يقول... @ 3 فبراير 2012 في 1:44 ص

Cher ami...ce n'est pas...ma conception du débat...tout le monde te dit amen...Les âmes pudiques ou charitables disent que le Maroc compte plus de 50 % d'analphabètes. Aucun pays aujourd'hui ne peut prétendre au progrès avec une grande majorité de sa population en marge du savoir et privée de connaissance. Les nations fortes sont celles qui misent sur le potentiel humain en matière d'enseignement et d'apprentissage. L'arabisation, dans le sens idéologique du terme, a donné les résultats que nous connaissons : c'est un échec sur le triple plan linguistique, social et politique. Est-il encore possible ou nécessaire d'avoir ce rapport chauvin à la langue ? D'autant plus que nos nationalistes d'hier et d'aujourd'hui, défenseurs de l'arabité et de l'arabisation, ont toujours placé leurs enfants dans les missions françaises et les écoles américaines. À partir des années soixante-dix, on a fabriqué un enseignement à deux vitesses et vidé l'enseignement public de sa substance, faisant de l'école publique un dépotoir pour les déshérités et les laissés-pour-compte. Autrefois, on disait que le savoir se perdrait s'il n'y avait pas les enfants des pauvres ! " Law la abna al-fuqara la-da'a al-'ilm ! "Cette maxime n'est plus de mise, puisque l'enseignement aujourd'hui exige d'énormes moyens. Ainsi, seuls eux qui ont les capacités matérielles peuvent supporter des frais de scolarité toujours à la hausse par rapport à un pouvoir d'achat chaque jour à la baisse. Jusqu'aux années soixante, les Marocains refusaient de mettre leurs enfants à la mission française. L'école publique, par la qualité de son enseignement, la valeur de ses diplômes et l'aptitude de ses enseignants, formait des citoyens capables d'intégrer le monde du travail avec aisance. Les changements opérés, ces dernières années, dans la formation des éducateurs et l'augmentation abusive de leurs horaires de travail, l'orientation des élèves, la surcharge des programmes et des effectifs dans les classes, mais aussi la nomination d'incompétents, de corrompus et d'opportunistes à la tête des établissements scolaires, tout cela a fait que l'enseignement, à tous les niveaux, a connu une dévaluation qui place le pays aux derniers rangs des nations émancipées ou en voie de développement. Ce ne sont là que quelques exemples. Les solutions à ce problème ne se trouvent ni en Chine, ni en Égypte, ni en France, mais ici, chez nous, parce que nous devons tenir compte de nos spécificités et de notre originalité. Loin de moi la prétention de vouloir donner des leçons à quiconque, mais deux premiers signaux forts pourraient être émis en ce sens : rendre à la langue berbère et aux dialectes nationaux le rang qu'ils méritent. Faire de l'arabe, dans la mesure de ses capacités, une langue de conquête du monde moderne et des technologies nouvelles. Donner aux langues fortes (anglais, espagnol, français) une place privilégiée dans l'enseignement. Sans complexe et sans mauvaise foi. Je sais, les cocardiers vont hurler à l'hérésie. Ceux-là, l'Histoire leur demandera des comptes, car le temps n'est plus au nationalisme aveugle ou imbécile. Le succès de nos écoles dépend essentiellement de leur capacité d'ancrage dans le système scolaire planétaire. Nous devons reconnaître, en toute modestie, que nous n'avons inventé ni le téléphone, ni le fax, ni Internet... Ce sont ces découvertes nouvelles qui gouvernent le monde. Nous devons refuser de demeurer d'éternels consommateurs des technologies étrangères, sinon, nous serons demain les éboueurs des nations productrices, les égoutiers des nations fortes, les ramoneurs des nations modernes, les mendiants des nations développées... C'est-à-dire les esclaves du nouvel ordre mondial. Massine

إرسال تعليق