ب - مداخل الإصلاح الثقافي الذي ننشده :
1/ المفهوم المقصود :
قبل الخوض في مداخل الإصلاح الثقافي في الوسط التلمذي , لا بد من التعريف بما نقصده بالثقافة و ما نعنيه بإصلاحها . نقصد بالثقافة من جهة ، ما ذكره المفكر الجزائري مالك بن نبي – رحمه الله - عن تعريف الغربيين لها: " ففي الغرب يعرفون الثقافة : على أنها تراث ( الإنسانيات الإغريقية اللاتينية ) ، بمعنى أن مشكلتها ذات علاقة وظيفية بالإنسان : فالثقافة على رأيهم هي : ( فلسفة الإنسان ) . " (4) و بما أننا بصدد موضوع الإصلاح الثقافي لدى التلميذ فإننا نعني إصلاح '' فلسفة التلميذ '' أي تغيير مجموعة من القيم و الأفكار البالية التي تؤطره و التصورات و الموازين الضالة التي تحكمه ، و التي تشربها بشكل تدريجي حتى أصبحت هي الأصل و الفطرة و أن من خالفها و خرج عنها هو الشاذ . يصدق فيها قول الحق تبارك و تعالى : '' و إذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون ألا إنهم هم المفسدون و لكن لا يشعرون ‘‘. و قد عبرنا عنها، أي هذه الفلسفة في التفكير، في مقال آخر : بالثقافة المستوردة أي فلسفة حياة الإنسان الآخر – الغربي – المفروضة علينا بقوة الحديد و النار في البداية و المختارة عن طواعية من طرف الفئة المخدوعة في نهاية الأمر . و من جهة أخرى ، نقصد بالثقافة : المعرفة ( و لا أقول العلم ) و الفكر ، و هنا المراد بالإصلاح الثقافي في هذه الدلالة : إيجاد ثقافة حقة و معرفة حقيقية لدى التلميذ لأنه يجب أولا أن نطرح سؤالا جوهريا ; هل يمتلك التلميذ المغربي حاليا ثقافة معينة ( بمعنى المعارف ) ، هل نتوفر على التلميذ المثقف المستوعب لمجموعة من المفاهيم التي تدور عليها الحياة في هذا العصر ؟ تلميذ قادر على المقارعة الفكرية و النقاش ..؟
التلميذ المغربي حاليا ، إن قلنا تأثر بالثقافة الغربية ، فذلك لا يعني أن السلوكات التي يقوم بها و نمط التفكير و اللباس ، و غير ذلك. يقوم بها مقلدا الغرب أو ظنا أنها ثقافة الإنسان المتحضر ( و هو الغربي ) التي يجب أن يتبعها ، لا ، فالتلميذ يقوم بهذه السلوكات لأنها في لاشعوره هي الأصل، لأن الأغلبية العظمى من التلاميذ تتصرف بنفس التصرفات و تتخلق بنفس الأخلاق ( التلاميذ الملتزمين ، إما أن يعتزلوا الآخرين فلا يذكر صوتهم فيكتفون بأضعف الإيمان في مراتب تغيير المنكر ! و إما أن يبقوا مشتتين في المؤسسة فتتلاشى قوتهم. ) . أما التلميذ سابقا، المتشبع بالثقافة الماركسية الإلحادية، في سبعينيات القرن الماضي مثلا ، فهو يدافع عن الإلحاد و أن الحياة مادة ! لأنها ثقافة يدافع عنها بعد أن تشرب معانيها و سبر أغوراها ( و قرأ "البيان الشيوعي " و أمهات الكتب التي تؤطر الفكر الماركسي ) . إذن فهو يدافع عنها كثقافة . أما التلميذ الحالي فلا ثقافة له ، تلميذ مائع شارد لا يعرف لا ماركس و لا لينين و لا فرويد و لا داروين ، لأن أفكار الماديين نقلت إليه بدون أصولها ، لأنه لو تم مد التلاميذ بمعرفة حقيقية عن أصول أفكار الماديين و حقائق مذهبهم لترك تلك السلوكات لأنه إذا علم أن اليهودي فرويد ، مثلا ، هو الذي " وضع التفسير الجنسي للسلوك " فسيرى نفسه ضحية لمؤامرة خبيثة مدبرة من طرف اليهود المعروفين بالخبث عبر التاريخ .. فسيفكر في أمور أخرى أكبر و أهم من التفكير من هذه التفاهات ( كالجنس مثلا ) .إذن يجب زرع ثقافة حقة في عقلية التلميذ الذي لا ثقافة له حاليا ( و إنما الأمر لا يغدو أن يكون محاكاة و تقليد أعمى لباقي التلاميذ ) ، ثقافة راشدة ترده إلى هويته و أمته . لكن ما السبيل إلى ذلك ، هذا ما نعنيه بعملية الإصلاح الثقافي في مدلولها الثاني .
1 التعليقات
شكراً
إرسال تعليق