| 25 التعليقات ]





يفرح الظالمون عادة بالانتصارات الصغيرة، ويتوهمون أن الدنيا كلها طوع بنانهم، ويتوهمون أن حيازة السلط (التنفيذية، التشريعية والقضائية، والإعلامية، والاقتصادية) من شأنه أن يغير الحقائق ويقلب الموازين ويعدل سلم القيم ويتلاعب بالمقاييس.
نعم، قد ينجح الظالمون في توظيف سلطهم بطريقة بشعة، في ممارسة التعذيب النفسي والإيذاء الوجداني، ودفع الناس إلى الإحباط والياس. ومع ذلك، لن يفلحوا في إعدام من يحمل شارة "النصر"، ويؤمن بأن الانتصار على الظلم مسألة وقت.
نعم، قد ينجح الظالمون في إشاعة الخوف وفي تكميم الأفواه وفي كتم الأصوات وفي خنق الأنفاس وفي تزييف النقاش وفي تسييد البهتان وفي تسميم بعض العقول وفي تمييع بعض الحقول (الحزبية، والنقابية، المدنية، والإعلامية). غير أنهم لن ينجحوا مطلقا في تعديل طبائع الأشياء، وتغيير منطق الحياة، وتوجيه مسارات التاريخ.
يراهن الظالمون على جانب "بشري" في الإنسان، موصول بهويته "الطينية"، مجبول على الخوف وعلى الجبن وعلى الحرص على سقط المتاع وعلى الفتات وعلى الأنا وعلى الحسابات الصغيرة. وهو جانب طاغ وقوي، يشد الإنسان بثقله، ويدفعه للإخلاد إلى الأرض.  
لكنهم، ينسون أن في الإنسان جانب "آخر"، يسكنه رغما عنه، وينتظر بشوق لحظة الإعلان عن نفسه، يهمس في داخله بنداء واثق: تَجاوز ذاتك، حلق بعيدا عن مخاوفك، ترَفَع قليلا عن مصالحك، حاول الانسجام مع إنسانيتك، تمسك بمبادئك، كن وفيا لقيمك...
وقصة البشر، دائما وأبدا، هي قصة صراع بين من يستثمرون في جانب الإنسانية "المظلم" المنكفئ على الأنانيات، وبين من يستثمرون في جانبها "المشرق" المعانق لقضايا التحرر الحقيقية.
ولعل إرادة الله جل في علاه، شاءت أن يكون منطق الدنيا نازعا نحو توفير الأجواء والمناخات لغلبة الجانب "المظلم" طوال تاريخ البشرية. غير أن الأفق والوجهة والمسار، مهما طال ليل الانتصارات الصغيرة للظالمين المراهنين على الجانب المظلم، يشق طريقه بثبات نحو تغليب الجانب المشرق.
نعم، منطق الدنيا، الذي جُعل للاختبار ولإنجاز تمرين الاستخلاف، يُسعف كثيرا الظالمين المراهنين على الجانب المظلم في الطبيعة البشرية؛ إذ يُسهل مأمورية المكر والتضليل والخداع ونشر الأكاذيب وتزييف المعارك وتغذية الأهواء والميل إلى الذات وتغليف عملية إدارة الظهر للقيم بالكلمات الجوفاء.
ولكن، القصة لا تكتمل إلا بوجود نداء دفين قابع بأعماق الضمير يُوجع الظالمين والمتواطئين معهم، كما أن القصة لا يمكن موضوعيا أن تنتهي إلا بإبراز بعض الانكسارات الجزئية لمعسكر الظالمين. على أن المعركة طويلة الأمد، والانتصار الرمزي النهائي للمعسكر الثاني من الصعب أن يحُل قريبا وإلا ستنعدم أسباب قصة الاستخلاف على الأرض.
الجميل، في قصتنا، أن التناقضات تشق كل الصفوف وكل المعسكرات لأنها نتاج لتناقض جوهري بين طبيعة نازعة نحو الالتذاذ بالوجود عبر الانقياد للأنانيات الضيقة من دون اكتراث بالآخر (اجتماعيا، أو بيئيا...)، وطبيعة مُحلقة مائلة نحو الامتثال لمقتضيات  كنه الوجود –بعد استفراغ الجهد المناسب في إدراكها- عبر التحرر  والتخفف من أثقال الأنانيات المرهقة.
الأجمل، في قصة الاستخلاف، أن منطق الدنيا وعالم الشهادة ينتصر نسبيا للجناح السلبي في الطبيعة البشرية، إذ يُمكنه من تغليف وإخفاء حقيقة مراميه تحت ثياب جذابة وبكلمات براقة. بيد أن، الله جل في علاه، يُظلل بحضوره القدسي الجناح الإيجابي للطبيعة البشرية ويسندها وفق مشيئته في المعارك الحاسمة.
انظروا كيف (يخرج الحي من الميت) بدلالتها الرمزية: كيف يُخرج مشجعي الكرة، الذين أريد لهم أن يُعتقلوا في عالم بعيد عن معارك الحياة الحقيقية، لكي يثيروا القضايا (العدالة الاجتماعية، توزيع الثروة والسلطة، القضية الفلسطينية وخيار المقاومة وتخاذل الأنظمة) التي باتت الهيئات المدنية والحزبية والنقابية تعجز عن إثارتها في زمن يراد فيه تغليب الجناح السلبي في الطبيعة البشرية بآلة الحديد والنار.
هل كان يتوقع من كان يشتغل على تسميم الحقل الحزبي والنقابي والمدني، بعد أن اطمأن إلى الإمساك بالمجتمع، أن يخرج "الحي" من "الميت" الذي ظُن أنه سادر في ما يلهيه؟ 
المعركة مستمرة، بين الجناحين داخل كل فرد، وبين الصفين اللَذين يتغير ممثلوهما داخل الوطن، وبين المعسكرَين اللَذين يبقى الكيان الصهيوني طوال القرن الأخير عضوا محوريا ثابتا في أحدهما في العالم.               



25 التعليقات

Unknown يقول... @ 19 فبراير 2020 في 2:10 ص

رحمة الله تعالى وبركاته عليك يا أخي

Unknown يقول... @ 19 فبراير 2020 في 2:45 ص

اللهم ارحمه و تقبله في عبادك الصالحين و الشهداء الابرار الذين حملوا هموم امتهم و قضاياها يكتوون بنيرانه لايضرهم من خذلهم حتى يلقوا الله عز و جل و هو عنهم راض .فاللهم اجعله ممن رضيت عنهم و رضوا عنك ،و الهم والديه الرؤومين الصبر و السلوان و انا لله و انا اليه راجعون .

Unknown يقول... @ 19 فبراير 2020 في 2:56 ص

رحمه الله
انا لله وانا اليه راجعون

Unknown يقول... @ 19 فبراير 2020 في 3:41 ص

رحمك الله وجعل مثواك الجنة وجعل ماكتبته صدقة جارية تنفع القاصي والداني وإنا لله وإنا إليه راجعون

Unknown يقول... @ 19 فبراير 2020 في 3:59 ص

تغمده الله برحمته الواسعة واسكنه فسيح جناته وإنا لله وإنا إليه راجعون.

Unknown يقول... @ 19 فبراير 2020 في 4:01 ص

رحمة الله عليك اخي الكريم

abderrazak farah يقول... @ 19 فبراير 2020 في 4:10 ص

رحمك الله ورزق ذويك الصبر وانا لله وانا اليه راجعون

غير معرف يقول... @ 19 فبراير 2020 في 4:19 ص

رحمه الله تعالى وألهم ذويه الصبر والسلوان لقد كان شابا استثنائيا في خلقه وعطاءه وفكره كتب أفكاره ومشاعره وأحاسيسه وكأنه أحس أن زمنه الأرضي فاني وأن نداء السماء سيناديه كنت استغرب من طاقته ومن عطاءه ومن الهم الذي يسكنه ومن الشرود الذي يصيبه و وهو يفكر في قضية ما كان يجهد نفسه لكي يفهم ويستوعب قبل أن يتكلم في آخر حديث لي معه حدثني عن التحولات الفكرية والتربوية التي أصابت الحركة الإسلامية وأنها انحرفت عن مسارتها الأصلية وأن السياسة سممت أجمل ما فيها... رحم الله الفقيد وفي ذلك ذكرى لمن كان كانةله قلب أو ألقى السمع وهو شهيد

Unknown يقول... @ 19 فبراير 2020 في 5:28 ص

جعل الله هدي الكلمات في ميزان حسناتك يوم

الدكتورة البقالي امل يقول... @ 19 فبراير 2020 في 5:44 ص

مقال في قمة الروعة،مقال وتحليل عمليين من شاب في مقتبل العمر ،لله درك يا ايوب عل كنت تسرع الخطى لترتقي نحو السماء،هل سبقت الكبار لأنك كبرت قبلهم،قلت قولة حق في زمن يعجز فيه الكثير عن قولها،كيف ربما والديك حتى وصلت لهذا السمو في التفكير.ستبقى كلماتك هذه صدقة جارية وعلم نافع تنفع به بعد رحيلك عن هذه الدنيا التي لاتعدل جناح بعوضة ،حيث الظلم والكيل بمكيالين بل بعدة مكاييل.ذهبت عند ارحم الراحمين الذي حرم الظلم على نفسه سبحانه وجعله بيننا محرما ،فالتهنأ عند ملك الملوك ارحم الراحمين، فقد بشرك المصطفى صلى الله عليه وسلم بظل الرحمان يوم لا ظل إلا ظله،كيف لا وانت شاب نشأ في عبادة الله.تبارك الله على السي إبراهيم بوغضن ربى هذا الشاب الذي كتب هذا المقال العميق المعنى،الصادق التحليل ،وددت لو اكتب واكتب واكتب ولااتوقف ابدا إعجاب بسموك وسمو من سهروا على تربيتك. ولايسعني الا انحني لاحييى هذين الوالدين الكريمين، وأقول على قدر الايمان يكون الابتلاء...المصاب جلل ولابد أن الإيمان قوي،آجركما الله في مصيبتكما وعوضكما خيرا في الدنيا والآخرة.

الدكتورة البقالي امل يقول... @ 19 فبراير 2020 في 5:49 ص

بعض التصحيحات:(علميين)(عل=هل)(ربما=رباك)

Unknown يقول... @ 19 فبراير 2020 في 7:22 ص

اللهم زد في حسناته وتجاوز عن سيئاته ويمن كتابه ويسر حسابه ووسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد ونقه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس وارحمه يا رب برحمتك الواسعة وارزق أهله وذويه الصبر والسلوان وانا لله وانا اليه راجعون

غير معرف يقول... @ 19 فبراير 2020 في 7:59 ص

رحمة الله عليك
انا لله وانا اليه راجعون

Unknown يقول... @ 19 فبراير 2020 في 8:23 ص

اللهم ارحمه وتجاوز عنه

Unknown يقول... @ 19 فبراير 2020 في 10:11 ص

اللهم ارحمه واغفر له

التواق الى الجنان يقول... @ 19 فبراير 2020 في 10:45 ص

رحمة الله عليك رحمة واسعة

Unknown يقول... @ 19 فبراير 2020 في 2:05 م

رحمة الله عليك، تقبل الله منك صالح اعمالك مثواك الجنة بإذن الله

زهرة الصبار يقول... @ 20 فبراير 2020 في 3:09 ص

رحمة الله عليك وجعل متواك الجنة آمين

MOHAMED GUEMGHOR يقول... @ 20 فبراير 2020 في 5:55 ص

غفر الله لك ...أمين

العربي الموصار يقول... @ 20 فبراير 2020 في 7:10 ص

رحمة الله عليك.

Unknown يقول... @ 20 فبراير 2020 في 10:22 ص

اللهم اجعل قبرك روضة من رياض الجنة

Unknown يقول... @ 22 فبراير 2020 في 1:58 م

انا لله و انا اليه راجعون

Unknown يقول... @ 22 فبراير 2020 في 2:04 م

اللهم اجعل مثواه الجنة إن لله وإن إليه راجعون البقاء لله 😢

Blogger يقول... @ 22 فبراير 2020 في 6:52 م

This way my buddy Wesley Virgin's story starts with this shocking and controversial video.

Wesley was in the army-and shortly after leaving-he revealed hidden, "MIND CONTROL" secrets that the government and others used to get anything they want.

These are the same methods many celebrities (notably those who "became famous out of nowhere") and elite business people used to become wealthy and famous.

You've heard that you utilize only 10% of your brain.

That's mostly because the majority of your brain's power is UNCONSCIOUS.

Maybe that conversation has even occurred INSIDE your own mind... as it did in my good friend Wesley Virgin's mind around seven years back, while riding an unlicensed, garbage bucket of a vehicle without a driver's license and $3.20 on his bank card.

"I'm so fed up with going through life check to check! When will I become successful?"

You took part in those thoughts, isn't it so?

Your success story is waiting to happen. You just have to take a leap of faith in YOURSELF.

Learn How To Become A MILLIONAIRE Fast

غير معرف يقول... @ 23 فبراير 2020 في 7:59 ص

بسم الله الرحمان الرحيم. العلم الذي ينتفع به ليس إلا ذلك الولد الصالح الذي لم يكتب له أن يوجد قيد حياتك و رغم ذلك سيبقى و فيا ليجدد عليك الرحمات من حين لإخر. رحمك الله يا منير العقول و أسكنك الله مع الشهداء و الصالحين و حسن أولائك رفيقا آمين و صلى الله على سيدنا محمد و إله و صحبه و سلم تسليما.

إرسال تعليق